ترأس الأباتي إدمون رزق الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية قدّاس عيد القيامة (منتصف الليل)
في دير سيّدة اللويزة – 20 نيسان 2025 عاونه النائب العام الاباتي بيار نجم ومعلم الاخوة المبتدئين الأب دومنيك نصر ورئيس جامعة سيدة اللويزة الاب الدكتور بشارة الخوري ولفيف من الاباء.
خدم القداس جوقة الاخوة المبتدئين بقيادة الاب خليل رحمة.
وفي العظة قال قدس الاب العام:
“فلِذلكَ رفَعَهُ اللهُ جدًّا، ووهبَهُ الإسمَ الّذي يعلو كلَّ إسمٍ”
(فل 2: 9)
إخوتي الأحبّاء،
بعدَ أسبوعِ آلامٍ مرير، وبعدَ ظُلماتِ يومِ الجمعةِ العظيمة، تلاشَت آمالُ الكثيرين الّذين وثقوا بيسوعَ وأحبّوهُ. وكأنَّ الحياةَ عادتْ إلى ما كانتْ عليهِ لكن دونَ المعلّم! فأتتِ النسوةُ إلى القبرِ، قبلَ الفجرِ، ليقُمنَ بواجِبِهنَّ تجاهَ الربِّ الّذي ماتَ على الصليب.
بعدَ أن تذوَّقْنَ مرارةَ الفراقِ، أتَـيْنَ يُتمِمنَ ما تفرضُهُ العاداتُ والتقاليد، ويا خَوفي يا إخوتي الأحبّاء، أنْ نحيَ نحنُ أيضًا إيمانَنا بالعاداتِ والتقاليدِ، ولا نتذوّقَ كلَّ مرّةٍ فرحًا جديدًا، عندما نجدُ القبرَ فارغًا،ونُدركُ أنَّ ربَّنا إلهٌ حيّ، لا يُـمكنُ للموتِ أنْ يغلبَهُ ولا للجحيمِ أن تبتلِعَهُ! فكيفَ نضعُهُ في قبورِ مآسينا ولا نثقُ أنّهُ يقومُ ؟ فقيامتُهُ ليست نهايةً سعيدةً لمسلسلٍ درامي، إنّما هي حدثٌ أساسيّ يـُغيّر مجرى حياتِنا إذا سمحنا لها أن تتفاعلَ فينا. فربُّنا يسوعُ، إلهُ حياةٍ، لا يمكنُ للموتِ أن يغلِبَهُ، ونحنُ معهُ ننتصرُ على الجحيم؛ فأيُّ موتٍ يمكنهُ بعدُ أن يخيفَنا؟ أليسَ الفصحُ عبورًا إلى الخلاص؟ أليستِ القيامةُ تحرُّرًا من القبورِ الّتي ندفنُ نفوسَنا فيها؟ قبورِ الدنيويّات والمظاهر؟ قبورِ الغضبِ والنقمةِ؟ قبورِ الشكِّ والخوف؟
إخوتي الأعزّاء،
القيامةُ ليست حدثًا تاريخيًّا فقط، إنّما هي إيمانٌ وركيزةُ حياتِنا المسيحيّة.
يقول البابا فرنسيس: “هي مصدرُ فرحٍ لا ينتهي. فلنُسرع إذًا في البحثِ عنها!”
ها نحنُ في سنةِ الرجاءِ، كما أَعلَنها الحبرُ الأعظم، فماذا نفعلُ من فصحِنا؟
أين نعبرُ؟ وكيفَ نولدُ من القيامة؟
هل نستسلمُ للظلمةِ في حياتِنا كأنَّ لا إلهَ لنا؟ وننقمُ على الله؟
أنأتي القبرَ وننظرهُ ونقولُ إنَّ الله تركَنا ولا مساحةَ لهُ في حياتِنا بعدَ الآن؟
أنمضي في حياتِنا، كأنَّ يومَ القيامةِ هو يومٌ واحدٌ حدث في التاريخِ وانتهى؟
لا! وألف لا!
إنّ يسوعَ الّذي “رفَعَهُ اللهُ جدًّا، ووهبَهُ الإسمَ الّذي يعلو كلَّ إسمٍ” هو “عمّانوئيل” أي هو دائمًا معنا. وفي قيامتِهِ نقومُ نحنُ من خوفِنا ووجعِنا وتَعَبِنا وظلمتِنا.
هو يشفنا من أعبائِنا ويبعثُ في قلوبِنا الرجاءَ، وكما في اليومِ الّذي أخذ بهِ الخالِقُ الترابَ بينَ يديه ونفخَ فيها من روحِهِ ليخلقَنا، هكذا في القيامةِ يأخذنا بين يديهِ، نحنُ المائتينَ بعيدًا عنه، وينفخُ فينا فرحَ الخلاصِ معهُ والانتصار على الموت!
فطوبى لمن يعودُ من القبرِ فرِحًا مُبشِّرًا بالقيامة . فالفرح، عندما يُشارك، يتكاثر. وهذا ما نحنُ بحاجةٍ إليه: أن نعديَ بعضَنا بعضًا فرحًا وإيمانًا ورجاءً، فتنمو فينا المحبّة، ونبني معًا كنيسةَ الرجاء! وهذا ما يُفرحُ قلبَ الله.
إخوتي الأحبّاء، أتمنّى لكم حياةَ قيامةٍ ورجاء وأصلّي من أجلِ وطننا الحبيب لبنان ليباركه الربَّ القائمَ من الموت بالسلام! لنسجد لهُ ونعبدُهُ: يسوع المسيح الإسم الّذي يفوق كلَّ إسم، ولنشهد لكلمتِهِ وقيامتِهِ. المسيحُ قامّ حقًّا قام!