يهوذا الإسخريوطي هو أحد تلاميذ المسيح الإثنى عشر، ويعني إسمه “يهوذا” أنه يهودي ، ولقبه “الإسخريوطي” يعني أنه رجل من قريوت، كان رسولاً ومرافقاً للرَّب يسوع في السنوات الثلاث الأخيرة من رسالته على هذه الأرض، حيث رافق المسيح وبقية التلاميذ في حياة المسيح العلنية والتبشيرية و حظي بعلاقة قريبة مع رب المجد يتمنّاها كل مؤمن لقد اختار الرب يسوع “يهوذا الإسخريوطيّ” تلميذًا وهو يعلم تماماً ماذا سيفعل، وأعطاه الفرصة الكاملة، لأنه لا يعاقب أي إنسان على إثم أو خطأ قبل حدوثه.
لقد أعطانا يهوذا نموذجاً عجيباً على صبر المسيح وحنانه وإشفاقه على الخاطئين، ولم يكتفي يهوذا بسرقة المال فحسب، لكنه خان المسيح، إتفق مع الشيوخ والأحبار بأن يسلم المسيح إليهم، وفي ليلة العشاء الأخير قام يسوع بغسل رجليه بدافع المحبَّة مثل بقية تلاميذه، ولكن يهوذا اختار بملئ إرادته أن يخون السيد من أجل ثلاثين من الفضة، ففي أثناء غسل الأرجل قال الرّب يسوع لتلاميذه: “لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ”، كانت هذه الكلمة كالسهم الموجّه إلى ضمير يهوذا ليتراجع عن قراره، ومع ذلك أصر على خيانته للرَّب، وبعد أن قبض على الرب يسوع المسيح في تلك الليلة ندم يهوذا، بدأ يشعر بالذنب، وفي يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له، طرح الفضة في الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه.
لقد شرب المسيح كأس الخيانة من أحد أحبائه فلم يصدّه عن تقبيله، مع أن تلك القُبلة كانت هي العلامة التي أعطاها يهوذا لجنود وخدام رؤساء كهنة اليهود ليمسكوا يسوع ويقبضوا عليه، وعاتبه أيضًا بقوله “يا يهوذا أبقبلة تُسلِّم ابن الإنسان، سار السيد المسيح على الدرب نحو الصليب، وطُعن في جنبه بالحربة فوق الجلجثة، ولكن طعنة يهوذا في قلبه كانت أقسى بكثير، لهذا كتب عنه في نبوة إشعياء: “مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا”، لذا خطايانا ما هي إلا طعنة ومسمار في جسد مخلصنا الذي نزف دماً وماءً من أجلنا.
مات يهوذا قبل أن يموت مخلصنا يسوع، كان يسوع يمشي طريق الألام من أجل خلاصنا نحن الخطأة ومن أجل خلاص يهوذا نفسه ، لكن يهوذا لم يدرك ذلك في حينها، لقد شعر بالذنب والإحباط، لم ينتظر قليلأً حتى يتوب وعاقب نفسه بالموت شنقاً، حيث التف حبل المشنقة على رقبته قبل أن يعلق الرّب يسوع على خشبة الصليب ثم مات يهوذا وبقي في قبره، ومات الرّب يسوع بعده وقام في اليوم الثالث، مما جعل يهوذا يعاني من الدينونة والعذاب إلى الأبد، ويملك الرّب يسوع في مجده الى الأبد.
و لا فرق بين يهوذا الذي باع ضميره وعقله ، و الشعب الذين خانوه بالهتاف، وهم لايدركوا أن المسيح آتى إلى هذا العالم ليخلصهم.
لقد مرت الأيام وما زلنا نتذكر هذه الخيانة، إنها ليست الخيانة الوحيدة في التاريخ لكنها الأعظم، إذاً يهوذا ليس وحده الخائن، فالشيطان يلاحقنا دوماً لنرتكب الخطايا، فعلينا أن نسرع لأجل خلاص نفوسنا ولا نفعل كما فعل يهوذا الإسخريوطي ونرفض محبة الرب يسوع، فيجب علينا أن نزرع الحب في صحراء القلوب الممتلئة بالكره والبغض و الحقد.
مي عواد-
Share via:
0
Shares