كان الله في عون شعبنا امام هذا الكم الهائل من المظالم

You are currently viewing كان الله في عون شعبنا امام هذا الكم الهائل من المظالم
لقد قام وزير الخارجية الأمريكي يوم امس بزيارة كنيسة القيامة في البلدة القديمة من القدس ، هذه الكنيسة المجيدة الشاهدة والشهيدة على الاحداث الخلاصية العظمى والكبرى المرتبطة بإيماننا المسيحي القويم .
الكنيسة مفتوحة دائما وابدا لكل زائريها مع التمنيات والادعية بأن تترك هذه الزيارات اثرا إيجابيا على كل من يدخلون ويسجدون امام الجلجلة والقبر المقدس ممجدين الرب المصلوب والقائم من بين الأموات .
لفت انتباهي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الاستفزازية لكل أبناء شعبنا الفلسطيني وخاصة لشريحة المسيحيين الذين يعرفون جيدا بأن المسيحي الحقيقي هو ليس من يصف نفسه بأنه مسيحيا فحسب بل من يعيش المسيحية وقيمها والمبادئ السامية التي تنادي بها ، ونحن هنا لا ندين أحدا ولكننا نتسائل كيف يمكن لوزير خارجية امريكي ات يتباهي بانه مسيحي ولكنه في نفس الوقت اتى داعما للاحتلال ومن اجل تكريس سرقة الأراضي في الضفة الغربية ودعم ومؤازرة حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة .
ان تكون داعما للظالم ومؤازرا للمظالم التي ترتكب بحق المدنيين هذا يعني وبصريح العبارة انك لست مسيحيا على الاطلاق حتى ولو لبست صليبا في رقبتك وافتخرت انك مسيحي فما فائدة صليبك وافتخارك بالانتماء للمسيحية اذا ما كنت مؤازرا وداعما لحرب الإبادة ولسياسات الاحتلال الظالمة بحق شعبنا .
ما اكثر هؤلاء المسيحيين المزيفين في عصرنا والذين يدعون زورا وبهتانا انهم مسيحيون ولكنهم في الواقع هم أعداء لدودون للمسيحية فعدو الايمان المسيحي ليس بالضرورة هو من ينتمي الى دين او معتقد اخر فاعداء الداخل هم اشد خطورة وضراوة وسلبية على الايمان المسيحي من أي أعداء اخرين مفترضين.
استفزني مشهد اضاءته للشموع في اقدس مكان في هذا العالم وكأنه يقوم بمسرحية يريد من خلالها دغدغة المشاعر .
يجب ان يعرف هذا الوزير بأن الانتماء للمسيحية لا يقاس بعدد الشموع التي يضيئها فما فائدة اضاءتك لكمٍ هائل من الشموع وانت تعيش في ظلمة الكراهية والعدائية والمحاباة ودعم المظالم التي تستهدف الأبرياء .
لا قيمة للشموع اذا لم يمكن مضيئها قلبه نيرا متسامحا مؤمنا خلوقا مناديا بالحق والعدالة ومنحازا للمظلومين .
كنت أتمنى ان يقول وزير الخارجية في كنيسة القيامة انه يصلي من اجل السلام ويصلي من اجل وقف الحرب ويصلي من اجل كل انسان مظلوم ولكنه لم يفعل ذلك لانه وزير خارجية حكومة تتبنى سياسة القمع والقهر والظلم ونحن نتمنى لهذا الوزير ولرئيسه ولكل هذه المنظومة الامريكية المتصهينة بأن يعودوا الى رشدهم وبأن يعودوا الى المسيحية القويمة وان يتعلموا منها ان يكونوا صادقين مدافعين عن كل انسان متألم ومظلوم أيا كان دينه وايا كان معتقده .
لقد دخل وزير الخارجية الأمريكي الى كنيسة القيامة وخرج منها وكأنه لم يتعلم شيئا ولم يأخذ شيئا لان تصريحاته بعد هذه الزيارة ازدادت عدوانية وانحيازا للاحتلال وممارساته الظالمة .
نتعلم من الرب يسوع المسيح الذي كان معلقا على خشبة الصليب كيف يجب ان نسامح وكيف يجب ان ندعو من اجل الاخرين وان نصلي من اجلهم ولكن المسامحة في المفهوم المسيحي ليست على الاطلاق استسلاما للظلم والقمع والاستبداد .
المسيحية تعلمنا ان نقاوم الشرور ولكن بالاساليب السلمية فنحن لا نؤمن بالعنف ولا نؤمن بالقتل ولا نؤمن بثقافة الانتقام بل نؤمن بحق كل انسان في ان يعيش بحرية وكرامة وسلام .
نتمنى لوزير الخارجية الأمريكي ولكل المنظومة الحاكمة هناك بأن يعودوا الى انسانيتهم والى رشدهم والى مسيحيتهم والى قيمهم سواء كانوا مسيحيين او غير ذلك ، فهنالك قيم إنسانية تجمع البشر جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او العرقية .
ألم يسمع هذا الوزير نحيب الأطفال وبكاء الإباء والامهات والدمار الهائل الذي حل بغزة وهل يظن ان شمعة يضيئها امام المصلوب سوف تكفر له خطيئته فالخطايا لا تمحى الا بالتوبة الحقيقية وإعادة تصويب البوصلة لكي تكون في الاتجاه الصحيح.
لا تمحى الخطايا بشمعة تضاء وبحركات دبلوماسية لا طعم لها ولا لون بل تمحى الخطايا بالتوبة والعودة الى الاحضان الإلهية وتصحيح الأخطاء والتجاوزات الخطيرة التي ارتكبت .
نعرف جيدا ان ثمن هذه الحرب باهظا ونعرف جيدا ان الدماء المسفوكة وتضحيات شعبنا لن تذهب هدرا وثمرتها سوف تكون في وقت من الأوقات الحرية والكرامة.
خسارة فادحة ما وصلنا اليه من دمار وخراب ودماء وشعبنا الفلسطيني يدفع فاتورة غالية من دماء ابناءه بسبب سياسات ومصالح استعمارية.
نسأل الله بأن يتحنن علينا ويرأف بنا وينير عقول جبابرة وحكام هذا العالم ومنهم القابع في البيت الأبيض لكي يكونوا اكثر عدلا وإنسانية وانصافا للمظلومين في كل مكان .
نعود ونكرر موقفنا الثابت الذي لا يتبدل ولا يتغير بأننا نرفض مظاهر الإرهاب وقتل المدنيين واستهدافهم ونرفض الحروب حيثما كانت واينما وجدت ونرفض ثقافة الانتقام وننادي بالرحمة والمحبة والإنسانية والتي نفتقدها في عالمنا في هذه الأوقات العصيبة .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 15/9/2025

اترك تعليقاً