في عمري الأربع سنوات كنت أرى والدي بطلاً خارق وأعظم رجل بالعالم.
وفي عمر ستة سنوات كنت أرى أبي أكثر شخص لديه علم بالحياة.
عندما بلغت العشر سنوات كنت أقول أبي يعرف كل شي في العالم.
في عمر الرابعة عشر قلت يستحيل على والدي أن يتكيف مع وقتنا الحالي.
بلغت السادسة عشر صرت أقول أبي كثيراً ما يتدخل بحياتي الخاصة.
اليوم أنا في العشرين من عمري لم أعد أستطيع تحمله .. كيف كانت أمي تتحمله طول تلك السنوات!!؟
في سن 25 سنه أصبحت أهرب متعمداً من البيت كي لا أراه ولأبتعد عن نصائحة وتوجيهاته التي كنت أحسها بلا فائدة ولا معنى.
حسناً بلغت ثلاثين عاماً قلت في نفسي إذا رزقني الله بالأولاد من المستحيل أن أربيهم كما رباني أبي.
لكن في سن الخمسة وثلاثون حمدت الله على أنه كان لدي أب مثل أبي.
أما حينما بلغت الأربعين سنه قلت كيف كان والدي يتحمل عبء تربية الأولاد ومشاكلهم!!!؟
أخيراً أنا بعمر الخامسة والاربعين حينها فهمت أن أبي كان يتحمل ولا يتكلم يتعب ولا يشتكي يغضب ولا يظهر عليه…
عموماً إحتجت خمسين عاماً لأرجع للفكرة الأولى التي فكرت فيها “أبي أعظم رجل في العالم”..
فلا تنتظر 50 عاماً لتعرف ما عرفته أنا طوال تلك السنين لأن الأب والتضحية التي يقدمها هي أعظم شي بالدنيا.