تحتضن بلدة بقرزلا مزارًا أثريًا مميّزًا يحمل اسم القدّيسة مورا، يقع داخل مغارة عجائبية منحوتة في الصخر ومطوّقة بغابة كثيفة من أشجار السنديان والصنوبر. وتعلو كنيسة مارت مورا تلة صخرية يعلوها صليب شامخ، ويعود تاريخها إلى ما قبل القرن السادس عشر. وتشير الروايات المحليّة إلى أنّ الكنيسة القديمة الواقعة بين المقابر تعرّضت للدمار مرّتين، فشُيّدت بعدها الكنيسة الجديدة على القمّة، ومنذ ذلك الحين ارتبطت المغارة باسم القدّيسة، وشملت القرية برعايتها الروحية. أمّا تاريخ دخول القدّيسة مورا إلى المنطقة فظلّ غير معروف، غير أنّ أهالي القرى يتناقلون رواية متجذّرة في الذاكرة الشعبية.
وتروي الحكاية المتوارثة أنّ أوّل أعجوبة منسوبة للقدّيسة وقعت بجوار الكنيسة الجديدة. ففي قرية ضهر حدارة المجاورة، وهي قرية ذات غالبية سنّية، كان طفل مقعد طريح الفراش، فطلبت والدته من والده نقله إلى مارت مورا رجاء الشفاء. اصطحب الرجل ابنه إلى بقرزلا في شهر أيلول، وحين بلغ باحة الكنيسة—حيث كانت منصّات لبيع الألعاب والحلويات في مناسبة “العرضة”—فرش الحصير إلى جانب الكنيسة ومدّد الطفل عليه، ثم عاد إلى منزله. وفي اليوم التالي، وبينما كان الوالدان يحتسيان القهوة أمام البيت، شاهدا ابنهما يقترب منهما ماشيًا كما لو لم يُعرف عنه العجز يومًا. وعندما سأله والده عن كيفية وصوله، أجاب الطفل أنّ امرأة مجهولة ظهرت له في الحلم وقالت: “قم واذهب إلى منزلك”.
ومنذ تلك الحادثة، بات مزار القدّيسة مورا مقصدًا لسكان القرى المجاورة من مختلف الطوائف، يزورونه للصلاة وطلب البركة، ما جعل الكنيسة رمزًا للتقوى الشعبية والتلاقي الروحي في المنطقة.
