كيف يجب أن نتصرف في أزمنة الشدائد العامة؟

You are currently viewing كيف يجب أن نتصرف في أزمنة الشدائد العامة؟
في السنة الثامنة عشرة من حكم الإمبراطور اليوناني لاون، في اليوم السادس من شهر تشرين الثاني، في منتصف النهار، غطّت السماءَ في القسطنطينية سحبٌ داكنة، ثم ظهرت بعدها سحب نارية. واستمر هذا المشهد أربعين يومًا. وظنّ الناس أنهم سيُحرقون بالنار، فأصابهم الفزع والاضطراب. ولكن لم يستمر ذلك طويلاً لحسن الحظ. إذ سرعان ما أدرك الشعب أن رجاءه الوحيد هو معونة الله، فالتجأ إليه. فأخذ الملك لاون والبطريرك غينّاديُس مع الشعب كله يُقيمون زياحات يومية حول المدينة، ويقيمون الصلوات في جميع الكنائس، وكان الجميع من صغيرهم إلى كبيرهم يذرفون دموعًا مرّة. وجاء في الرواية: «كانت دموع كثيرة للمسيحيين، ونحيب شديد، من أعماق القلوب، مع تنهد وحزن قلبي… لكي يرفع الربّ اللهيب الدخاني الشرير.» ولم تذهب هذه الصلاة المبلّلة بالدموع سُدى. إذ أظهر الربّ المحب للبشر رحمته للمصلّين فزالت الشدّة.
المثال الثاني: في أيام القديس إيونا، رئيس أساقفة نوفغورود، ظهر وباء في نوفغورود. فقال إيونا للشعب: «إننا إنما نعاقَب من الله لأننا لا نزال نخطئ بلا انقطاع، ولا نقدّم توبة عن خطايانا.» ففهم الشعب مغزى كلام القديس، وقبله بقلبه، وأقام مع راعيه صلاة تضرعية؛ فكانت — إن صحّ التعبير — توبة عامة للشعب. وبعد ذلك توقّف الوباء، ولم يعد هناك موتى، بل إن جميع المرضى قد شفوا.
إن إيقاف الشدائد العامة يستلزم أن نُدرك أولًا أنها تصيبنا بسبب خطايانا، ثم أن ننكسر قلبًا من أجل هذه الخطايا ونتوب عنها، وأن نطلب في صلاة جماعية من الله أن يرحمنا. هكذا ينبغي أن يكون حتمًا؛ إذ بهذا التوبة والصلاة نال أهل نينوى الرحمة، وكذلك اليهود أيام صموئيل، وتشهد بذلك تقريبًا كل قصة قضاة بني إسرائيل. وبناء على كل هذا، فحين يصيبنا أيضًا، بسبب خطايانا، شرّ ما، ينبغي أولًا أن نتواضع تحت يد الله القوية، وأن نجتهد أن نقطع إلى الأبد قيود العادات والخطايا والشهوات، وأن نبكي آثامَنا السابقة، وأن نلتجئ إلى أبينا العام — الرب — متضرعين إليه بالصفح والرحمة. وعندئذٍ، فإنّه — وهو الكلي الرحمة — سيتحنّن علينا ثانيةً وينجينا من الشرور المحيطة بنا. آمين.

اترك تعليقاً