الخوري إدغار الهيب-
لا الله ولا العذراء ولا القديسون سوف يحمونا من الزلازل، أو ما نعتبره كوارث طبيعيّة، ولا من المرض وتبعاته.
. لأن الطبيعة، بطبيعتها، لها عوامل تتفاعل، وهي بشكلٍ ما حيّة. والأعاصير والبراكين والهزات والزلازل هي من العلامات “الطبيعيّة” لحياة الأرض (والكون برمّته).
. الله لا يتدخّل بشكل تاريخي، زماني ومكاني، كي تحدث هذه الأشياء او كي يمنع حدوثها. فقد خلق كلّ شيء وجعل لها نظامها الذي يعمل بشكل مستقلّ ومتكامل.
. ليس كل ما يؤلم شرًّا. صحيح أن ما نسميه كوارث طبيعيّة يؤلم الإنسان ويكلّفه خسارات جمّة في الأشخاص والمعنويات والصحة والاقتصاد…، لكنّ هذا الألم هو ذاته محرّك للنموّ والرقي في رؤيتنا للحياة وللوجود، وفي تواضعنا، وفي تضامننا، وفي نضوجنا. ومن قال أن الموت بحدّ ذاته شرّ؟ القتل شرّ اما الموت فلا.
. بطبيعتنا الإيمانيّة، نستدعي الله والقديسين كي يعينوننا في حمل مصابنا، وكي يحمونا من الألم المتأتّي من العوامل والأحداث الطبيعية التي لا نستطيع التحكم بها ولا مواجهتها. لكن، في بعض الأحيان، هذه قلّة إيمان أو استغلال للإيمان واستضعاف للعقل. ففي هكذا حالات نستدعي الله لأنه قوّة أقوى من التي تؤلمنا، وليس لأنه ملهم لما ينضجنا ويدعونا للرقي في فهم الوجود والحياة بما فيها المحدودية والموت.
. إذا كان فعلًا لله مسؤوليّة مباشرة لحمايتنا، فأين هي هذه المسؤوليّة وهذه العناية تجاه الذين ماتوا أو أصيبوا أو تشرّدوا، وتجاه الدمار والخسارات الجمّة. هل يُعقل أن يكون الله غير عادل لهذا الحد؟ أم المشكلة بمفهومنا للإيمان واستغلاله للهروب من محدوديتنا المؤلمة إن لم نتواضع؟
. والأخطر عندما نعتقد أن الله تدخّل لينجّي فئة من البشر دون أخرى. هذا التمييز العنصري أو المناطقي أو الديني هو خير دليل على كفرنا وليس على إيماننا. وهو إذا ما دلّ، إنما يدلّ على أننا نصنع الله على صورتنا ومثالنا، صانع شرّ وظلم وحروب وشرور باسم الجنس والعرق والدين.
. خلاصة. على البشريّة أن تنمو بالتواضع أوّلا، ومن ثمّ بالرقي نحو فهم الوجود والكون ومقوماته الجيولوجية والفيزيائية والنفسية والروحية إلخ.، والبناء على هذا الفهم علاقة متجدّدة لسرّ الخلق والكون والمحبة والرحمة والمسؤوليّة والتضامن والتعاضد. مستلهمين من الخالق دعوتنا كي نعتني بالخلق والمخلوقات ونحقّق النمو والازدهار، ليس فقط بمنظومات دينيّة وما ورائيّة، إنما بهندسات مسؤولة تجعل البشريّة تتعامل بانسجام مع نظام الكون والطبيعة، ولا تستدعي فاشلة قوّة الله وقدرته كي تهرب من محدوديتها ودعوتها المسؤولة.
أما الخسارات، إن بالأرواح أو بالبنى، فهي ليست شرّ وإن آلمتنا.
مع علمي بأن بعض القارئين سيرجمني، أنا متأكّد أن كثيرون سوف يرتقون ويسبّحون الله على عظمته، ليس فقط في خلق الكون عمومًا، إنّما في خلق الإنسان العاقل بشكل خاص.ي
Share via:
0
Shares
