عامين ولم تتوقف حرب الإبادة التي دمرت كل شيء في غزة وجعلت القطاع منطقة منكوبة حيث بقيت الاطلال التي تذكر بتاريخ منطقة وبتعب شعب وباحلام وطموحات طمرت تحت الركام.
مأساة غزة لا يمكن ان يتصورها عقل بشري وقد شعرنا بنوع من الفرح والابتهاج عندما توقفت الحرب ولكن يبدو ان الحرب لم تتوقف فتارة تتوقف وتارة تعود مجددا ومن يدفعون الثمن هم المدنيون أبناء القطاع الذين بقيوا فيه وحافظوا على انتماءهم اليه.
البارحة قتلت عائلة بأكملها ولم يبقى منها احد ، وهم الذين اعربوا عن فرحهم بوقف الحرب ونجاتهم من الموت ولكن الموت باغتهم يوم امس اثر تجدد العدوان على القطاع المنكوب والمكلوم.
الى متى سوف تستمر هذه المحنة والجوع والعطش والعوز منتشر في كل زاوية من زوايا القطاع.
المواد الاغاثية والطبية والمستلزمات الضرورية للحياة لا تدخل الى غزة وكأنه محكوم على أهلنا في القطاع بأن يعيشوا الجوع والعطش والاذلال حتى بعد انتهاء الحرب.
الى متى سوف تستمر هذه الكارثة ومسألة دخول الإغاثة الضرورية ليست مسألة قابلة للتأجيل لان عامل الوقت في غزة مهم وهنالك ازدياد في عدد الشهداء وعدد أولئك الذين يعيشون الجوع والالم والمعاناة .
نداءنا نوجهه الى كل المؤسسات الاغاثية والاممية وكذلك الى القطاع الخاص بما في ذلك المقتدرين من العرب والفلسطينيين مناشدا اياكم بألا تتركوا أهلنا في غزة اسرى لافة الجوع والعطش والاذلال والفقر.
ان مؤازرة أهلنا في غزة انما هي واجب أخلاقي وانساني بالدرجة الأولى وما هو مطلوب اليوم أولا هو ادخال المواد الاغاثية الضرورية وثانيا التخطيط لاعادة الاعمار ولكن ما تحتاجه غزة أيضا هو هدنة دائمة مستمرة ومتواصلة فليس من المنطق ان العدوان يتجدد وبشكل متواصل وبعد ان تم الإعلان عن اتفاق وقف العدوان.
اعان الله أهلنا في غزة وهم يعيشون حالة التوتر والخوف من مستقبل مجهول واعانهم على هذه الحالة التي يعيشونها وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث.
ارفعوا الظلم عن شعبنا ولتتكثف حملات الإغاثة والعون ولنعمل معا وسويا من اجل رفع معنويات شعبنا في القطاع المنكوب وفي الواقع أهلنا في القطاع هم الذين يصدرون المعنويات والإرادة والصمود والثبات الى حيثما يجب ان تصل هذه الرسائل.
أهلنا يتضورون جوعا في غزة وفي اكثر من مكان في هذا العالم يعيش الكثيرون حياة طبيعية ويأكلون ويشربون ويفرحون فلماذا اهل القطاع يعاملون بهذه القسوة وكأنهم بشر من نوع اخر ومن خليقة أخرى .
أهلنا في القطاع شعب مثقف وواع وهم بشر خلقهم الله كما خلق كل انسان في هذا العالم ويجب ان يعاملوا بانسانية وان تصان حقوقهم وان يقدم لهم ما هو مطلوب من اجل البقاء على قيد الحياة وهم قادرون بعدئذ على ان يكونوا كما كانوا دوما أصحاب مبادرات وأصحاب مشاريع وأصحاب فكر خلاق.
اهل غزة ليسوا ثلة من الجهلة بل هم جماعة مثقفة ومبدعة وقد ظلمهم التاريخ وظلمهم القريب قبل البعيد ، فمن واجبنا جميعا ان نكون معهم في محنتهم حتى يواصلوا مسيرتهم في تطوير القطاع لكي يكون اجمل مما كان سابقا.
الايادي الفلسطينية قادرة على ان تعمل الخير وان تطور وان تفكر وان تبدع فاتركوا الفلسطينيين يرسمون مستقبلهم ويخططون لحاضرهم ولايامهم القادمة ولا تتركوهم فريسة للجوع والقهر والظلم والعنف والحرب وآلة الموت والدمار.
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 29/10/2025
