يستذكر الفلسطينيون نكبتهم والتي حلت عام 1948 وها نحن اليوم في الذكرى ال77 للنكبة هذا اليوم والذي هو ليس يوما للذكرى فحسب بل هو يوم لتأكيد الثوابت الوطنية كلها وفي المقدمة منها حق العودة التي لا يسقط بالتقادم.
وبعد كل هذه السنين فإن شعبنا يعيش اليوم نكبة جديدة لربما هي الأخطر والاسوأ مما حدث عام 48 في ظل حرب الإبادة التي تستهدف قطاع غزة المنكوب والمكلوم وفي ظل ما تتعرض له الضفة والقدس والشعب الفلسطيني كله.
لا بل فإن المخطط الاستعماري لا يستهدف فلسطين لوحدها بل يريدون تغيير ملامح منطقتنا العربية وهم يريدون شرق أوسط جديد والجديد الذي يريدونه في هذه المنطقة هو الانسجام مع السياسات الاستعمارية والمخططات الهادفة لتصفية القضية.
انهم يريدون شرق أوسط جديد على مقاسهم ووفق اهوائهم ، والهدف من كل هذا تصفية القضية الفلسطينية والتي يعتبرونها شوكة في حلوقهم ونحن بدورنا نقول بأن هذه القضية مهما تآمروا عليها ومهما كثر المتخاذلون والمتواطئون فانها ستبقى قضية حية لشعب حي يعشق الحياة والحرية والكرامة.
لن تتمكن اية قوة غاشمة من تصفية القضية الفلسطينية وكل المؤامرات والمشاريع المشبوهة مآلها الفشل الذريع ولكن في هذه الأوقات العصيبة والأيام الحزينة يبقى مطلبنا الأساسي والاهم هو ان تتوقف حرب الإبادة في غزة والتي يدفع فاتورتها شعب حوصر ولسنوات طويلة واليوم غزة تدمر ويستهدف ابناءها بالقصف والتنكيل والتجويع على مرأى ومسمع العالم.
ننادي بوقف هذه الحرب الهمجية فنزيف ابناءنا في غزة يجب ان يتوقف وهذه المحنة يجب ان تنتهي ولا يجوز ان تصبح مشاهد الموت والدمار والخراب والدماء والاشلاء مشاهد روتينية اعتيادية فهذا نزيف شعب ومأساة وكارثة شعب يستحق ان يعيش في أوضاع افضل وان ينعم بالحياة والكرامة والحرية.
لسنا من أولئك المؤيدين لما حدث يوم 7 أكتوبر لا بل نرفض ما حدث جملة وتفصيلا انطلاقا من قيمنا الإنسانية والأخلاقية التي تحثنا على رفض امتهان حياة كل انسان وخاصة المدنيين.
نرفض ثقافة الإرهاب والقتل والعنف والحروب وننادي بثقافة السلام والعدالة وصون الكرامة الإنسانية وفي الوقت الذي فيه نرفض ما حدث يوم 7 أكتوبر فاننا نعتبر ما حدث بعد هذا انما هي جريمة العصر وحرب إبادة وعقاب جماعي واستهداف لشعب اعزل يدفع فاتورة حرب قذرة وهي في الواقع ليست حربا فحسب بل هي مؤامرة وجزء من مخطط مرسوم هدفه تصفية القضية والنيل من عدالة القضية لا بل العمل على تغيير ملامح هذه المنطقة وصولا الى الشرق الأوسط الجديد .
ما يحدث حاليا في غزة ليس فقط حرب إبادة بل هو مخطط هادف لاذلال وتركيع شعبنا والنيل من عزيمته وارادته وصموده ولن ينجحوا في ذلك ، فالفلسطينيون يقدمون التضحيات ولكنهم لن يستسلموا ولن يرفعوا الراية البيضاء كما يراد لهم.
المؤامرة على شعبنا كبيرة ومتشعبة وهنالك متورطون كثيرون معروفون ومجهولون ولكن الهدف واحد ، وهو شطب فلسطين وتصفية قضيتها والنيل من شعبنا وحقه المشروع في ان يعيش بحرية وسلام في وطنه وفي ارضه المقدسة.
ومع كل يوم يمر علينا تتضح الصورة اكثر فاكثر ويظهر من هم المتواطئون ومن هم المتآمرون ومن هم المستفيدون من كل ما يحدث بحق شعبنا .
كان الله في عون هذا الشعب الذي يدفع فاتورة باهظة لحرب قذرة فرضت عليه من قبل الاحتلال ومعاونيه بهدف تصفية القضية أولا وتغيير ملامح مشرقنا العربي ثانيا ونحن على يقين بأنهم لن ينجحوا لا في مسألة تصفية القضية ولا في مسألة تغيير ملامح الشرق الأوسط .
فلنكن متفائلين ولا يجوز لنا ان نكون غارقين في ثقافة اليأس والإحباط والقنوط وان كانت الصورة قاتمة ويراد لها ان تبقى قاتمة ولكننا نرى النور في نهاية النفق. وان غدا لناظره قريب .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
