يشهد لبنان أسوأ موجة جفاف في تاريخه الحديث، ما أدى إلى تراجع منسوب المياه في أكبر خزانات البلاد على نهر الليطاني إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب ما أفادت وكالة رويترز في تقرير نُشر يوم الثلاثاء.
وأعلنت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أن التدفّقات المائية على بحيرة القرعون خلال موسم الأمطار الحالي لم تتجاوز 45 مليون متر مكعب، مقارنة بمتوسط سنوي يبلغ 350 مليون متر مكعب. وفي حين بلغت تدفّقات العام الماضي 230 مليون متر مكعب، أشارت المصلحة إلى أن المياه الموجودة حالياً (نحو 61 مليون متر مكعب) «غير صالحة للاستخدام بسبب التلوّث الشديد».
وقال رئيس المصلحة سامي علوية: “شهدنا سنوات جافة مثل 1989 و1990 و1991، لكن هذا العام هو الأكثر جفافاً على الإطلاق”.
وتُظهر لقطات من طائرة مسيّرة فوق بحيرة القرعون انحسار الشاطئ وتشقق الأرض وموت النباتات، في مشهد يعكس حجم الكارثة البيئية.
وأضاف علوية أن محطات توليد الطاقة الكهرومائية المرتبطة بحوض نهر الليطاني توقفت عن العمل بالكامل، ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة ودفَع مؤسسة كهرباء لبنان إلى ترشيد توزيع الطاقة. وقال: “نواجه اليوم عاملين ضاغطين: انخفاض المتساقطات، والضغط على المياه الجوفية”.
وأظهرت دراسة حديثة أعدّتها المصلحة أن الاحترار المناخي وتغيّر أنماط الطقس أدّيا إلى تفاقم وتيرة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ما ساهم في فقدان رطوبة التربة وتقليص معدلات تغذية الخزانات الجوفية.
وفي ظل هذه الأزمة، لجأت المرافق العامة إلى خفض إمدادات المياه في بعض المناطق من 20 ساعة يومياً إلى أقل من 10 ساعات.
أما في سهل البقاع، حيث تقع قرية القرعون، فقد بدأت تداعيات الأزمة تضرب بقوة القطاع الزراعي. يقول المزارع صفا عيسى: “لم نشهد جفافاً بهذا الشكل من قبل… كنا نحصل على ثلوج بارتفاع 60 أو 70 سنتيمتراً، أما الآن، فلم نرَ الثلج منذ عشر سنوات”.
ويُضاف إلى ذلك عدم انتظام الكهرباء، ما يعيق تشغيل أنظمة الري ويزيد العبء على المزارعين.
وفي محاولة للتخفيف من الاستهلاك، أعلنت سوزي حويك، مستشارة في وزارة الطاقة والمياه، أن الوزارة ستُطلق خلال عشرة أيام حملة توعية وطنية تهدف إلى الحد من استهلاك المياه في مختلف القطاعات.
