لماذا يا ربّ أشعر بالحزن والكآبة والتوتّر؟

You are currently viewing لماذا يا ربّ أشعر بالحزن والكآبة والتوتّر؟
– التّلميذ: طوبى لمن يعلّمه الحقّ بذاته، لا برموزٍ وألفاظ عابرة، بل كما ھو في ذاته ! ليصمت جميع المعلّمين، ولتسكت الخلائق كلّھا في حضرتك؛ وأنت وحدك كلّمني.
-يسوع: يا بنيّ، كلّما اشتھى الانسان شيئًا على خلاف التّرتيب، عاد في الحال قلقًا في نفسه.
المتكبّر والبخيل لا يستريحان أبدًا، أمّا المسكين والمتواضع بالروح، فيعيشان في وفرة السلام. من لم يَمُتْ بعد عن نفسه موتًا كاملاً، يُجرَّب سريعًا، ويُغلَبُ في أمورٍ زھيدةٍ تافهةٍ . من كان بعدُ ضعيف الروح، غير مستكمل التحرّر من الجسد، يميلُ الى المَحسومات، فإنه لا يستطيع، من غير صعوبة، أن يمتنع تمامًا عن الشّھوات الأرضيّة، فلذلك كثيرًا ما يغتمّ عند امتناعه عنھا، وإن قاومه أحدٌ، غضب بسھولةٍ ، وإن نال بُغيته، أعنته في الحال توبيخ ضميره، لأنّه اتّبع ھواه، فلم يُعطيه الھَوى ما طلب من السّلام. فسلام القلب الحقيقيّ إذن، إنّما ھو في مُقاومة الشّھوات، لا في التعبّد لھا. وليس من سلام في قلب الانسان الشھواني، ولا في الانسان المُكبِّ على الأمور الخارجيّة، بل في الانسان الروحيّ، المُضطرم العبادة.
يا بنيّ ، إنك لا تستطيع التمتّع بالحريّة الكاملة، ما لم تنكر ذاتك تمامًا. إنّھم لمكبّلون جميعًا في القيود، أولئك المستأثرون بأمالكھم، المحبّون ذواتھم، أصحاب الطّمع والفضول والجولان، المتطلّبون دومًا رفاھتھم لا ما يخصّ يسوع المسيح، المُتخلّقون والمستنبطون في الغالب أمورًا لا ثبات لھا. فإنه ٌ لفانٍ كلّ ما ليس بناشئٍ عن الله. إحفظ ھذه الكلمة الوجيزة البليغة : أُھجر كلّ شيء فتجد كلّ شيء؛ أترك الشّھوة، فتجد الراحة. ردّد ھذه الوصيّة في ذھنك؛ ومتى أتممتھا فَھِمْتَ كلَّ شيء.
يا بنيّ ، “أنا ھو الرّب المقوّي في يوم الضيق” فتعالَ إليّ إذا ساءت أحوالك. إنَّ أعظم ما يَحبِسُ عنك التّعزية السَّماويّة، ھو تأخّرك عن الالتجاء الى الصلاة. فإنّك قبل أن تتضرّع إليّ بإلحاحٍ، تطلُب في الخارج تعزياتٍ وتسلياتٍ كثيرة. ومن ثّم، قلّما تنفعك ھذه كلّھا، حتى تفطن أنّي «أنا مُنفذُ المتوكّلين عليّ »، وأنّه ما من معونةٍ فعالة، ولا مشورةٍ نافعة، وال علاجٍ دائمٍ، خارجاً عنّ. أمّا الآن (…) فتشدّد بنور مراحمي؛ لأنّي قريبٌ – يقول الرّب – فأردّ عليك كلّ شي لا كاملًا فحسب، بل وافرًا مُتدفّقًا.
(كتاب الاقتداء بالمسيح، القديس توما الكمبسيّ)

اترك تعليقاً