لقد كانت لامبالاة حقيقية واستهزاء بالقاتل المسلح بالحقد و البندقية في وجه سيدة لا تملك في الدنيا إلا أبناءها ..
و رغم أن القتلة أخذوا ملكها كله و ألقوا به على حافة الطريق جثثا مسلوبة الروح ..
إلا أن ما من شيء دفعها لترفع صوتها أو تندب أو تضرب وكان جل ما فعلته أن غيرت من وضع شال رأسها و سندت خصرها بيدها كي يبقى جسدها واقفا شامخا في الأرض لا تهزه أي ريح غريبة أو هواء أصفر ..
لكن ، عندما اتهمها القاتل بالغدر والخيانة .. هنا لم تمنع نفسها من الرد و أبت أن تقبل بهكذا اتهام لا يقل وقعا عن القتل في نفوس الكرام “فشرت .. نحن لا نخون” .
ورغم هول ما كانت فيه من قهر و حزن يعادل مساحة كل الأراضي الطيبة التي تجاورها .. لم تترك أبناءها وحدهم في حلكة ذاك اليوم و آثرت البقاء بجوارهم تحرس قلوبهم الغافية كي لا يصيبها الأذى مجددا من أي وحش حيواني جائع قد يمر بطريقه من هناك ..
لا أظن أن الليل يومها انقضى هكذا ،دون وداع أو دون احتضان و الكثير من المناجاة و الآهات والكثير من الدموع التي كانت مخبأة للفرح أو استقبال حفيد ربما أو ليال هادئة بصحبة طيبة و كأس شاي أو متة ..
لم يسمع أحد بكل ما كان يعتصر قلبها ، إلا الأحراش و الغابات وبضع بيوت مكسورة الخاطر تشاركها المأساة ذاتها .
