يأتي يومٌ تتوقّف فيه الأم عن مناداتك،
وتغيب فيه نصائحها التي كنت تظنّ أنّك في غنىً عنها،
ويتلاشى قلقها الدائم بشأن طعامك وصحتك،
ووصولك سالمًا إلى دارك.
سيحلّ وقت تدخل فيه منزلها،
فتجد الصمت أثقل من كلّ الأصوات،
وتفتقد حديثها، ورائحتها،
وذلك الشعور العميق بالأمان الذي كانت تفيض به حضورًا وحنانًا.
وحينئذٍ، لن يبقى سوى الذكريات،
تلك التفاصيل اليومية التي اعتدتها حتى غدَت في نظرك مألوفة،
لتدرك بعد فوات الأوان أنّها كانت تجلّياتٍ صافيةً للحبّ في أسمى معانيه.
فالزمن لا يتوقّف، ولا يمنح فرصةً للعودة.
لذا، بادر اليوم إلى احتضانها،
وأصغِ إلى حديثها باهتمام،
واضحك بقلب مطمئنّ في حضرتها؛
لأنّك، في يومٍ ما، حين تغيب،
ستقدّم حياتك كلّها لتسمع صوتها يسألك مجدّدًا:
“هل تناولت طعامك؟”
