كما في كل عام، تتحوّل ليلة التاسع عشر من تموز، عشية عيد القديس شربل، إلى مسيرة إيمان حيّة تنطلق من جبيل وصولًا إلى دير مار مارون – عنايا، حيث يرقد الجسد المقدّس للقديس الذي لا يزال ينبض بالعجائب.
الطريق تُضاء بـيافطات حملت هذا العام العبارة التي باتت رمزًا:
“يا طبيب السما، ليلة عيدك كلنا طالعين”.
لكن هذه اليافطات ليست مجرّد شعارات، بل صلوات معلّقة على الطريق، ونبضات قلوب مؤمنين تقودهم أقدامهم نحو مزار الرجاء، إلى حيث مار شربل ينتظرهم بالصمت، ويستقبلهم بالبركة.
هذه المسيرة، التي لا تنظّمها مؤسسات ولا تروّج لها إعلانات، يقف خلفها “جندي مجهول” نذر حياته للشكر، فحوّل عرفانه إلى محبة وخدمة خفية تتكرّر كل سنة، وفي كل مرة بحماسة متجدّدة.
هذا العام، وكما جرت العادة، أعدّ هذا “الجندي” محطّة استراحة قرب مدرسة القلبين الأقدسين – حبوب، حيث يقدّم للمشاركين الماء والمرطّبات وبعض الطعام، لتكون الرحلة نحو مار شربل محاطة بالرحمة لا بالتعب.
هكذا يتحوّل الطريق إلى عنايا إلى درب صلاة وتعب ممزوج برجاء، نحو قدّيس ما زال يداوي الجراح بصمته، ويصنع العجائب بتواضعه.
في ليلة عيده، “كلنا طالعين”…
لأن مار شربل لا يزال ينادينا،
ولأن لبنان لا يزال يحتاج إلى قداسته، اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.