الأب طوني حنى-
مات كثير من الناس من اجل قضية .غير ان مشكلة الرسل هي ان قضيتهم النبيلة ماتت على الصليب ولقد آمنوا بان يسوع هو المسيح المنتظر لم يعتقدوا انه يمكن ان يموت كانوا مقتنعين بانه هو الذي سيبني الملكوت ويحكم شعب اسرائيل.
علينا ان نفهم نظرة اليهود للمسيح المنتظر في زمن المسيح لكي نتمكن من فهم علاقة الرسل يالمسيح وسبب عدم استيعابهم وقبولهم الصليب.
لقد اثارت حياة يسوع وتعاليمه تتناقض تناقضا هائلا مع توقعات اليهود حول المسيح المنتظر فقد كان اليهودي يلقن منذ صغره بان المسيح سيكون عند مجيئه قائدا حاكما سياسيا منتصرا وانه سيحرر اليهود من نير العبودية والاستعمار ويرد اسرائيل الى مكانه الطبيعي اللائق به امافكرة المسيح المتألم فكانت غريبة تماما عن تصورات اليهود المسبقة عن المسيح المنتظر .
يتحدث إي.ف.سكوت عن عهد المسيح : كانت فترة انفعال وهياج كبيرين ولقد وجد القادة الدينيون ان من المستحيل كبح جماح الشعب فقد كان اليهود في كل مكان ينتظرون ظهور المخلص الموعود .
فقد اعتدى الرومان مدة تزيد عن جيل على الحرية اليهودية ولقد ادت الاجراءات القمعية التي مارسوها الى اثارة الروح الوطنية ودفعها الى حياة ثائرة .
لقد بقي المسيح الموعود بالنسبة للناس بنفس المكانة التي كانت لدى النبي “اشعيا” ومعاصريه ابن داودد الذي سيحقق النصر والازدهار للامة اليهودية ولانستطيع ان نشك في ضوء اشارات العهد الجديد في ان التصور للمسيح المنتظر كان تصورا وطنيا وسياسيا .
تقول الموسوعة اليهودية بان اليهود تاقوا الى المحرر المنتظر من بيت داود الذي سيحررهم من نير حكم المغتصب البغيض وينهي الحكم الروماني ويؤسس مكانه مملكة السلام والعدل.
لجأ اليهود في ذلك الوقت الى حلم المسيح الموعود وقد شارك الرسل بقبة اليهود نفس معتقداتهم لقد كان يسوع مختلفا عن كل ما توقعه اليهود من ابن داود حتى ان تلاميذه وجدوا ان من المستحيل ان يربطوا فكرة المسيح المنتظر به ولهذا لم يرحب تلاميذه بتصريحاته الجادة بانه سيصلب كان لديهم امل في انه نظر الى الموقف نظرة اكثر تشاؤما ممايجب وانه سيكتشف ان مخاوفه وهو نفس الموقف الذي تمسكت به اغلبية الشعب اليهودي بعد ان صعد الرب الى المجد. ولقد كان الفرد ادرشيم محقا في قوله بان “عصر يسوع كان مختلفا”
يستطيع المرء ان يلمس في العهد الجديد موقف التلاميذ من المسيح توقعهم من المسيا(المسيح) الحاكم بعد ان اخبر تلاميذه بان عليه ان يذهب الى اورشليم ليتألم .طلب اليه يعقوب ويوحنا ان يقطع لهما وعدا بان يجلس احدهما عن يمينه والاخر عن شماله في ملكوته (مرقس10 : 32 : -38)
اي مسيح كان في مخيلتهم ؟ مسيح متألم مصلوب؟ لابل حاكم سياسي لقد اشار يسوع الى انهما اساءا فهم ماكان عليه ان يقوم به لم يفهما ماكانا يطلبانه لم يفهم التلاميذ الاثنى عشر ماعناه يسوع عندما تنبأ بآلامه وصلبه لقد اعتقدوا بسبب خلفيتهم وتربيتهم بانهم يسيرون في طريق كله مفروش بالورود ثم جاء صليب الجلجلة فتبخرت كل احلامهم في ان يكون المسيح هو الموعود فعادوا الى بيوتهم خائبين بعد ان ضاعت السنوات التي قضوها معه هباء
كتب الدكتور جورج إلدون لاد استاذ العهد الجديد في جامعة فولر اللاهوتية..
وهذا هو ايضا السبب الذي دعا تلاميذه الى تركه عندما القي القبض عليه لقد كانت عقولهم متشربة بشكل كامل لفكرة المسيح المنتصر الذي كان دوره ان يخضع اعداءه حتى ان كل آمالهم التي عقدوها عليه كمسيحهم المنتظر تحطمت عندما رأوه سجينا عاجزا من سجنا بيلاطس ذليلا نازفا متألما يقتاد ويصلب كمجرم .
لهذا فان نبوءات يسوع عن آلامه لم تلق آذانا صاغية عندهم لم يكن التلاميذ على الرغم من تنبيهاته وتحذيراته لهم مستعدين للقبول والفهم
بعد اسابيع قليلة من الصليب وبالرغم من كل شكوكهم رجع التلاميذ الى اورشليم يعلنون يسوع مخلصا وربا ومسيحا .
اي سبب اخر يمكن ان يدعو التلاميذ المكتئبين الى ان يخرجوا ويتألموا من اجل مسيح مصلوب .
نعم مات كثيرون من اجل هدف نبيل لكن هدف الرسل يسوع المسيح مات على الصليب فقط القيامة وظهور المسيح لتلاميذه اقنعا اتباعه بانه المسيح المنتظر ولم يشهدوا على ذلك بشفاههم وحياتهم فحسب ولكن بموتهم ايضا .
