“ما حدا بياخد معه غير أعماله” بين الحكمة الشعبية وتعاليم الكتاب المقدس

You are currently viewing “ما حدا بياخد معه غير أعماله” بين الحكمة الشعبية وتعاليم الكتاب المقدس

تنتشر بين الناس عبارة شعبية تقول: “ما حدا بياخد معه غير أعماله”، وهي تحمل حكمة ظاهرة تُذكّرنا بزوال كل ما نمتلكه مادياً عند الموت، وأن أعمالنا وحدها هي التي تبقى. إلا أن هذه العبارة تحمل في طيّاتها مغالطة لاهوتية خطيرة، إذ توحي بأن الخلاص يعتمد على حساب الأعمال الصالحة وحدها، وكأنّ هناك ميزاناً يقرر مصير الإنسان الأبدي وفقاً لأعماله فقط.

في المقابل، يوضّح الكتاب المقدس بشكل لا لبس فيه أن الخلاص هو هبة مجانية من الله لا تتحقق بالأعمال، بل بالإيمان بعمل المسيح الكفّاري على الصليب (راجع أفسس 2: 8-9):
“لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.”

تكمن خطورة فكرة “الخلاص بالأعمال” في:

  1. إلغاء كفاية وفدائية صليب المسيح، مما يحط من قيمة التضحية الإلهية العظيمة.

  2. زرع الخوف والقلق بدلاً من السلام والطمأنينة الروحية.

  3. تحريف معنى الأعمال الصالحة، التي هي في الأصل ثمرة الإيمان الحقيقي ونتاج النعمة، وليست شرطًا مسبقًا للخلاص.

الكتاب يؤكد أن الله خلق الإنسان لأعمال صالحة (أفسس 2: 10)، ولكن هذه الأعمال ليست هدفًا في ذاتها، بل هي دليل على حياة مؤمنة صادقة، تتجلى فيها نعمة الله. لذا، لا ينبغي أن نعيش لجمع حسنات تحسب لنا في الميزان، بل لنعيش بنعمة المسيح التي تغير القلب وتثمر في الأعمال الصالحة.

الرسالة الأساسية هي: هل سلمت حياتك للمسيح؟ وليس: هل جمعت ما يكفي من الأعمال؟ فبفضل المسيح وحده، نضمن خلاصنا وأبدية معنا في ملكوت الله.

في الختام، تبقى الحقيقة أنه لا شيء يُؤخذ من هذه الدنيا، ولكن الخلاص الحقيقي هو هبة الله بالنعمة، التي تظهر في إيمان حيّ مصحوب بأعمال صالحة أُنجزت بقوّة نعمته فينا.

اترك تعليقاً