مجزرة في طريق الانكليز

وماذا بعد؟ هل سننتظر لتزول آخر شجرة شوح من لبنان وآخر أرزة، على أيدي مجرمي الغابات، كي نتحرك؟
هذا إخبار برسم نواب عكار السبعة، محافظ عكار، وزير البيئة، وزير الزراعة “حامي الغابات” حسب مهمته في الحكومة العتيدة، الرئيس ميقاتي، قائد قوى الأمن، قائد الجيش، المسؤولين الأمنيين في عكار وما أكثرهم:
على مرأى من عيون ما تبقّى من دولتنا، يقوم مجرمو الغابات تجار الحطب كل بوم بارتكاب جرائم تدمى لها القلوب، وهذه واحدة منها في غابة من أجمل غابات لبنان والشرق الأوسط، في منطقة إسمها طريق الانكليز التي عانت أيام الحرب العالمية الثانية من حملة قطع أشجار قام بها البريطانيون من أجل إقامة خط سكة الحديد التي ربطت فلسطين بطرابلس، هذه الطريق المشؤومة في أعالي جبال عكار والتي أصبحت في ما بعد من أهم دروب المشي في لبنان حيث الشوح المعمّر والصخور الدهرية والبانوراما الرائعة على منطقة الجومة وعكار العتيقة.
لقد جرى مؤخراً، منذ بضعة أيام لا تتخطى الخمسة عشر حسب لون أوراق الشوح المتروكة على الدرب، إبادة لأكثر من ٢٠ شجرة شوح وبتر لأغصان أساسية في بنية أكثر من ٢٠ شجرة شوح ستفقد كل موادها الغذائية بسبب النزف الذي سيحصل في مكان البتر خاصة وأننا في عز الربيع، الفصل الذي يُمنع فيه منعاً باتاً أي تشحيل أو تقليم للشجرة!
والحبل على الجرار إن لم يتحرك المسؤولون اليوم !
كل مرة نسمع من اولئك المسؤولين نفس الحواب” الناس بدّا تتدفى”. وكل مرة كنا نقول لهم أن البشرية بأمها وأبيها تدفّت منذ الأزل وحتى منتصف القرن الماضي على حطب الغابة، قبل انتشار الكهرباء والمازوت، من دون أن يرتكب الناس ما يرتكبه اليوم أولئك المجرمون من مجازر .
أولئك ليسوا ناساً “بدّن يتدّفوا” بل تجاراً يبيعون أشجارنا النادرة والدهرية من أجل حفنة من الدولارات.
إلى متى الانتظار؟
نُعلم في كل مرة وزير البيئة المندفع والنشيط والمخلص، فيقوم باتصالاته بالمسؤولين وبالأمنيين الذين لا يظهروا أي تجاوب، وهذا ما حصل في حالات مجازر قطع أشجار سابقة وفي موضوع افتعال حرائق غابات.
لو كنت أنا الوزير لكنت استقلت.
للتذكير فقط: شجرة الشوح الكليكي تتواجد بشكل أساسي في غابات عكار العالية وفي غابات الضنية مع تواجد لبضعة أشجار شوح في حرش إهدن ومن هنالك وحتى القطب الجنوبي ينعدم تواجد هذه الشجرة الفريدة!
كما أن شجرة الشوح هي من الأشجار القلائل التي قاومت العصر الجليدي الأول واستمرت حتى يومنا. معظم أشجارنا ومنها الأرز والصنوبر أبصرت النور في ما بعد العصر الجليدي.
فبدل أن نحوّل نحن كل شجرة إلى محمية، نترك هذه الكنوز لقمة سائغة يستفيد منها بعض المجرمين وتُحرم الأجيال القادمة من جمالها ومردودها على الصحة والاقتصاد والسياحة البيئية.
نقلا عن صفحة الدكتور انطوان ضاهر

اترك تعليقاً