في أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد، شهد شرق البحر المتوسط انهيارًا مفاجئًا ومدمرًا أنهى مجد العصر البرونزي. مدن أُحرقت، ممالك سقطت، وطرق التجارة التي ربطت مصر، والأناضول، واليونان، وكنعان، اختفت في رماد الفوضى.
في قلب هذه العاصفة ظهر اسم غامض في النقوش المصرية: “شعوب البحر”.
كانوا قادمين من المجهول: أساطيل ضخمة من الرجال والنساء والأطفال، يحملون أسلحتهم وممتلكاتهم على سفنهم، يهاجمون المدن الساحلية ويدمرونها بلا رحمة. حاولت مصر بقيادة الفرعون رمسيس الثالث صدّهم في معركة مصيرية، وصفها بنفسه على جدران معبد مدينة هابو. انتصر المصريون، لكن معظم الممالك الأخرى في المنطقة لم يحالفها الحظ.
من كانوا؟
لا أحد يعرف على وجه اليقين. بعض النظريات تقول إنهم شعوب هاجرت من جزر بحر إيجة بعد كوارث طبيعية أو مجاعات. أخرى تزعم أنهم مرتزقة أو لاجئون من انهيار الأنظمة القديمة. لكن المؤكد أنهم غيّروا مسار التاريخ.
بعد موجة غزوهم، دخلت المنطقة في ما يُعرف بـ العصور المظلمة. حيث تراجعت التجارة، وفُقدت الكتابة، وبدأ عصر جديد يتشكل من رماد القديم.
شعوب البحر لم يتركوا لنا لغتهم ولا حضارتهم، فقط آثار دمار واسع… وسؤال لا إجابة له حتى اليوم:
هل كانوا سبب الانهيار أم نتيجته
