بقلم المحامي زياد فرام-
يا مريم، يا أمَّ الذي مِنه تُستَعاد الخَليقَة،
إليكِ أفتحُ سَريرَتي، لا لأنَّكِ تعرفين جَهلي وضعفي فَحَسب،
بل لأنَّكِ كُنتِ مُنذ البِدء موضِع نَظرِ الله حين رآكِ قلباً قادراً أنْ يَحمِل الكَلِمَة دون أن يَنكَسِر.
يا من سَكَبتِ في صَمتكِ ما عَجزت الأرضُ أنَ تَحتمِله..
كَيف استطعتِ أن تُسلِّمي مشيئتكِ لذلك الصَّوت الذي عَبَر فيكِ..؟
علّمي روحي أن تكون مثلكِ: مرآةً لا تحفظ صورتها، بل تعكس وجهَ اللهِ في نَقاءٍ لا يتزَعزَع.
يا أمَّ النور،
كم من مرَّةٍ حاولتُ أن أجدكِ خارج نفسي، فأيقنتُ أنّ اللِّقاء بكِ يبدأُ في العُمق نفسه الذي يُلامس فيه الله جِرَاح قَلبي.
أنتِ لا تُبعدينني عن الله، بل تقودينَني إليه كما تقُود اليَدُ الأمينةُ الطّفل الخائِف نحو حضنٍ لا يخون..
يا أمَّ المُخلِّص،
ها أنا أقترب منكِ، مُثقلًا بما يُشَتِّت الرُّوح، فاجعليني أصغي كما أصغَتِي أنتِ، لا بأذُنِ الجَسد، بل بأذُنِ القلب الذي يعرف أن كلمة الله تُولَد في الصَّمت.
فيكِ، يا مريم، يتعلّم القلب سرّ الطَّاعة:
أن نقول “ليكن لي”..
ونحن في حيرةٍ، نقبل السرّ دون فلسَفَة، ونثق بالنُّور قبل أن نَراه، ونمشي خلف الله ولو عَبر جرحٍ مفتوح..
أيتها الشَّفيعة التي يعرف الله اسمها كما يعرف النَفَسُ طريقه،
إحملي ضُعفي إلى ابنكِ، واجعلي قلبي ينحني أمامه كما انحنى قلبكِ حين رأيته فوق خشبة الفداء، فهناك تعلم العالم أنّ الأمومة ليست جسدًا، بل قدرة على الحبّ الذي يجعل الألم طريقاً إلى المَجد.
يا مريم..، يا أمّي، أسلّمكِ قلبي الذي كثيرًا ما يضيع، فخُذيه إلى حيث الراحة الحقّة،إلى الله الذي قال عنه عبدكِ أغسطينوس:
إنّ قلوبنا لا تهدأ إلا إذا استقرّت فيه..
وأنا، يا أمّ النعمة، أستقرّ فيكِ أولًا، لأنَّكِ أوّلُ سلامٍ نلمسه على طريق السَّماء.
