نسيم أم عاصفة؟

You are currently viewing نسيم أم عاصفة؟
الخوري نسيم قسطون-
في أيّام المدرسة، وبعد العودة من العطلة الصيفيّة، دخلنا إلى صفّ اللغة العربيّة.
قام أستاذنا بجولةٍ على الأسماء ليطابق وجوهنا على لائحة الأسماء أمامه…
ولمّا وصل إلى اسمي: “نسيم” (وقد كنت أصغر الأحفاد الّذي ورث اسم الجدّ) لفظه ورفع عينيه فوجدني واقفًا وقد كنت ممتلئًا مذ ذلك الزمان فأردف وقال: ” لا يجب أن تكون “نسيم” بل “عاصفة” فضحكت وضحك رفاقي في عصرٍ لم يكن بعد هذا النوع من المازح يسمّى تنمّرًا!
ولكن، مذ ذلك الوقت، عزمت أن أبقى “نسيم” دون أن أتحوّل إلى “عاصفة”!
قبل رسامتي الكهنوتيّة بلحظات، سألني المثلث الرحمات المطران يوحنّا فؤاد الحاج إن كنت أرغب في تغيير اسمي… فتذكّرت أستاذي الّذي أضحى من أبرز من ألهمني حبّ اللغة العربيّة وقلت للمطران الحاج: أريد أن أبقى “نسيم” لأنّ الله يوم أتى إلى النبي الياس، أتى اليه في النسيم بعد عاصفتين لم يكن الله فيهما!
نعم، لقد اخترت اسمي الّذي اختاره لي والدي لأنّي لم أشأ أن أترك الدنيا تنزع منّي أجمل ما وضعه الله في داخلي وهو اختيار الخير ونبذ الشرّ والعنف.
في الكليّة الحبريّة في الكسليك، اخترت أن أقوم بدراسة عن محبّة الأعداء (متى 5: 44) وفيها قولٌ لأحد القادة الروحيّين من القرن العشرين: “نجد خيرًا في أسوأ الناس، وسوءًا في أفضلهم”!
ولذلك، حين اخترت لكهنوتي شعار “إتبعني”، استلهمت الرّوح القدس لأكتب عظتي الأولى على مدى ثلاثة أشهر وكلّما اشتدّت العواصف الهوجاء أعود إليها ولا سيّما إلى مقطعها الأخير الّذي أورده ختامًا:
” بينظرا على المستقبل، برجعلك يا ربّ لأطلب منّك تخلّي روحك اللي مسحني كاهن يرافقني أنا وعيلتي الصغيري لنضلّ نسمع صوتك فوق كلّ أصوات هالعالم.
خلّي بيتنا مفتوح بقلبو وروحو ومساحتو لكلّ إنسان مين ما كان وكيف ما كان وخلّينا أمينين لدعوة المحبّي اللي بتغفر إذا انطعنت واللي بتضلا ماشيي لقدّام حتّى لو تجرّحت كرامتا على موايد الظلم أو إشاعات الناس واللي ما بتغريلا عيونا المشاريع الكبيري اللي بتنسا معظم الأوقات أهمّية البشر قدّام جمال الحجر.
ساعدني ضلّ أمين لشعاري الكهنوتي “إتبعني” وما إتحوّل بلحظة ضعف ليهوذا الإسخريوطي قدّام بريق المال أو لبيلاطس إذا خفت من الناس وما فكّرت بألله أو لجبان بيتنكرلك متل بطرس وقت اللي بيقرّب الخطر منّي أو من اللي بحبّن.
خلّيني ما إنغرّ بالمدح الفاضي وكتّر بالمقابل حواليّي الناس الصادقين اللي بيشجّعو عالنجاح وبيوجّهو وبيصححو بالفشل وعطيني نعمة التواضع لأعرف إسمعلن وإشكرن.
خليّ يا ربّ هالإنطلاقة تتجدّد مع كلّ مرّا بيتجدّد حضورك بحياتي وبحياة اللي بدّك ياني كون مسؤول عنن. خلّين يساعدوني بالصلا لإذا قرروا إنو إمشي قدّامن يضلّو أكيدين إنو أنا بالأساس ماشي وراك ومش ورا سراب مشروع طالع منّي أو من غيرك آخرتو كرسي إجريّا معلّقا بفلا الغرور والكبريا.
وبصلّيلك بالآخر: عطيني بحياتي قلب من نارلإلك لضلّ أمين لدعوتك ومحبتّك وقلب من لحم للناس لضلّ إفهمن وحبّن وقلب من فولاذ لإلي لأحمل صليبي وإتبعك بفرح. آمين.”

اترك تعليقاً