ليس أن تفوتك وجبة، ولا أن تنام على معدة فارغة طمعًا في الرشاقة أو الزهد..
الجوع في غزة شيء آخر..
شيء يُشبه أن تسحبك الحياة إلى حافتها، وتُوقفك على جُرفِ الموت، ثم تُضحكك بلقمة، وتبكيك بحفنةِ دقيق، وتُريق كرامتك أمام قدرٍ يغلي بما لا يُشبع ولا يُكفي.
هل رأيت امرأةً تصرخ بعينيها؟
هل رأيت وجعًا يُترجم عبر الأظافر التي تتشبث بحافة المركبة؟
هل سمعت صوت الوعاء الفارغ يُقارع قدر الجماعة طلبًا لحياة؟
هذا ليس طابورًا على الطعام، بل طابور على البقاء..
على ما تبقى من إنسانية في زمنٍ بلا قلب.
في غزة، صار الجوع هو اللغة،
هو النحيب المتقطع بين قصفٍ وقصف،
هو دمعةُ أمّ تُكابر لتخبز رماد الأيام لأطفالها،
هو أخٌ يعود إلى خيمته خالي الوفاض، لا لشيء، إلا لأن «الدور لم يصل».
الجوع في غزة، ليس مجرد ألم..
هو ابتلاءٌ تفوح منه رائحة الكرامة،
وصبرٌ يُوزَنُ بالجبال،
ومشهدٌ لو رآه الرافعي، لقال:
«هذا ليس من الدنيا، بل من مراثي القيامة!»
يا صاحبي،
إذا كانت الكرامة تُوزن على قدر الصبر، فإن الغزيين اليوم أعظم أهل الأرض.
وإذا كان الجوع امتحانًا، فهم أنجح من حمل كتاب الإنسانية دون أن يسقط في قاع الوحشية.
إن كنت ممن بقي لهم قلبٌ يخفق،
فارفع صوتك، وحرّك قلمك،
واقطع علاقتك بمن يُساند القاتل،
واصرخ: “افتحوا معابر الحياة.. أنقذوا من بقي على قيد الحياة!”
فاطمة التميمي-