السبب ببساطة: لأنها لا تجد في المنزل الراحة التي تجدها أنت.
فأنت تذهب إلى عملك يوميًا لثماني ساعات، ثم تعود لتستريح، وهذا من حقك طبعًا.
ولكن، تخيّل لو طُلب منك أن تعمل ست عشرة ساعة متواصلة دون أن يُسمح لك بالرفض!
أو، والأسوأ، أن تعمل أربعًا وعشرين ساعة من دون توقّف!
هذا بالضبط ما تعيشه زوجتك داخل المنزل.
فالبيت بالنسبة إليك هو مكان الراحة،
أما بالنسبة إليها، فهو مكان العمل الذي لا ينتهي:
غسيل، طهي، تنظيف، ترتيب، تلبية طلباتك وطلبات الأبناء.
وإن كان لديكما طفل رضيع، فهي المسؤولة عن طعامه، ونومه، ونظافته، ولعبه.
وإن كان الطفل أكبر سنًا، فهي المسؤولة عن مذاكرته وواجباته المدرسية.
وإن كان لديكم أكثر من طفل، فإن المسؤولية تتضاعف.
وإن كانت الزوجة تعمل خارج المنزل أيضًا، فهي إذًا تمسك بوظيفتين دون أي لحظة راحة حقيقية.
حتى حين تجلس قليلًا أمام التلفاز أو تمسك بهاتفها، فهي في الحقيقة ليست مرتاحة،
بل هي “تحت الطلب” طوال الوقت، كأنها طبيبة في نوبة ليلية، يُستدعى تدخلها في أي لحظة.
هذا الضغط النفسي والبدني مرهق جدًّا.
إنها تحتاج إلى وقت لا يُطلب منها فيه شيء، إلى لحظة ترتاح فيها،
إلى أن تتنفّس بوصفها إنسانة، لا مجرد زوجة وأم.
فكّر بالأمر جيدًا…
خروجها لساعتين في الأسبوع لن يُفسد شيئًا، بل على العكس،
سيجدد طاقتها ويشعرها بأنها لا تزال حيّة.
وإن كان الأولاد صغارًا ولا يمكنها تركهم،
فحتى نصف ساعة بعد نومهم، تقضيانها معًا في نزهة بسيطة، أو في شرب فنجان قهوة، أو تناول قطعة شوكولاتة… سيكون له أثر كبير في نفسها.
وإن تعذّر الخروج، فاجلسا معًا في الشرفة أو على السطح…
لكن – رجاءً – لا تحوّل هذه اللحظة إلى عملٍ آخر:
“أحضري الشاي… أين اللب؟ ناوليني الترمس…”
دَعها لحظة هادئة، بلا طلبات.
امنحها فرصة لتستريح، لتهدأ، لتطفئ تفكيرها قليلًا.
هي ليست آلة تعمل دون توقّف،
حتى الآلات تحتاج إلى إعادة تشغيل.
كن حريصًا على منحها هذه اللحظة قبل أن تستنزف طاقتها،
وتتحوّل – في نظرك – إلى شخص “نَكِد”.
فالعدل أن يرتاح مَن يُريح الجميع.
