الخوري نسيم قسطون:
كنت مرّةً أشاهد فيلماً عن بشارة الربّ يسوع…
في سياق الفيلم، مرّ مشهد شفاء الأبرص (مرقس 1: 35-45) فركّز المخرج على الدّهشة والقلق وحتّى الخوف في عيون مرافقي الربّ…
وكيف لا يخافون والبرصُ مرضٌ معدٍ يؤدّي إلى اهتراء اللحم وتساقطه وهو مؤلمٌ جدًّا ويؤدّي غالبًا إلى الموت .
فالدّهشة الأولى كانت أمام جرأة الرّب عبر لمس الأبرص والدهشة الثانية سبّبها طبعاً شفاؤه من مرضٍ صعب الشفاء!
كان اليهود يعتقدون بأنّ أمراض الجسد هي عقابٌ على خطايا إرتكبها الإنسان أو أسلافه.
وقد شكّلت هذه النقطة تحديدًا أحد مواضيع الجدل ما بين الربّ يسوع وما بين معاصريه والّتي نجد صداها في معظم الشّفاءات الّتي أوردها الإنجيليّون حيث حرص الربّ يسوع شِبْهُ دائمًا على إجراء الشّفاءات وتحرير الإنسان من خوفه من الله الّذي يقيّده من الدّاخل قبل إجراء الشّفاء الخارجيّ.
حدث الشّفاء في إنجيل اليوم أتى لينفي الارتباط ما بين الخطيئة والمرض، الأمر الّذي ما زال كثيرون يقولون به حتّى يومنا، مع الأسف، إذ ما إن يصيبهم أمرٌ سيّئ حتّى يسارعوا إلى القول: “ماذا فعلنا لك يا ربّ؟!”!
ربّما أضحى مرض البرص نادراً في زماننا، ولكن، بالمقابل، يكثر المنبوذون من قبل المجتمعات حتّى في عصرنا الماديّ المقاييس… فالفقير أو المحتاج أو القليل الإمكانيّات قد يهمّش من قبل النّاس الّذين يفضّلون التقرّب من المقتدرين في سبيل تحقيق مصالحهم الخاصّة.
من جهة أخرى، إذا كان البرص مرضاً يصيب جسم الإنسان فيهترئ لحمه ويتآكل فبرص الرّوح هو البعد عن الله لأنّه يأكل حنايا الرّوح فتنهار جزءًا بعد جزء…
قد يظنّ بعضنا أن النّجاح الماديّ أو إحراز المناصب أو التمتّع بمباهج الدنيا هو ما يجعل الحياة جميلة… ولكن الحياة الرّوحيّة العميقة تجعلنا ندرك أنّ لا قيمة لما يزول، بل كل القيمة هي لما يبقى أبداً وهو الله وما يمنحه الله للنّاس من نعم…
أن تكون، يعني أن تكون مع الله ومن دون الله أنت مجرّد وجود يفتقد قيمته كأبديّ بالله ومع الله!
إنّ حياة الأبرص تحوّلت بعد شفائه بلمسة من الربّ يسوع فأضحى شاهدًا للربّ وهو ما يجعله مختلفًا عن كثيرين من بيننا يهملون العلاقة مع الله ما ان تنتظم أمورهم.
إنجيل اليوم يدعونا كي نتحلّى بالشجاعة والجرأة، على مثال الربّ يسوع، فنلمس بروحنا وبقلبنا وبيدنا آلام النّاس وكي نسعى، ولو كانت إمكانيّاتنا ضئيلة، لنتضامن معهم أو لنعينهم على اختراق جدار الحاجة أو العزل الاجتماعيّ.
يسوع اخترق جدار الخوف من النّاس فهل سنسعى لنقتدي به؟!
تعالوا اليوم لنمنح الله برصنا فيمنحنا الغفران ويعيد إلينا الحياة الحقيقيّة!
Share via:
