الأحد الخامس بعد عيد الصليب

الخوري نسيم قسطون

يأتي إنجيل الأحد الخامس بعد عيد الصليب (متى 25: 1-13) في سياق الأناجيل التي تدعو الإنسان للاستعداد الدّائم لملاقاة الله في هذه الحياة أو في الحياة الثانية!

الملفت أنّ إطار النصّ هو إطارٌ فرح ومختلف عن النصوص التي أنبأت بمجيء المسيح الثاني بما تحويه من صور اضطرابات أو ما شابه.

في زماننا، عندما تُطرَح مسألة الأعراس وتحضيراتها، تُطرح دائماً مسألة التحضير المسبق لها…

غالباً ما يبدأ العروسان بتحضيرات الإكليل بتجهيز البيت الزوجي ثمّ يقومان بانتقاء تاريخ الزواج ومن بعده الكنيسة ويشرعان بوضع الخطط اللازمة ليومهما المميّز…

هذه التحضيرات تأخذ طابعاً جديّاً منذ اللحظة الأولى وتتصاعد وتيرتها حتّى اليوم المنتظر…

في الكتاب المقدّس، غالبًا ما وصفت علاقة الإنسان بالله بأنّها علاقة زواج حيث يتلازم العهد مع المحبّة في تكوين أسس علاقة وطيدة…

في سفر الرؤيا قيل: “طوبى للمدعويّن إلى وليمة عرس الحمل” (رؤيا 19: 9) في إشارةٍ إلى نهاية العالم التي غالبًا ما يخاف النّاس منها فيما هي عرسٌ والعرس ملؤه الفرح لا الخوف!

في نصّ الإنجيل، نجد إشارةٌ إلى شرطٍ وحيد يؤهّلنا لمرافقة العريس السماويّ وهو “الزيت” الّذي فسّره يوحنا فم الذهب بأنّه الأعمال الصالحة التي قام بها الإنسان في فترة حياته الأرضيّة…

إختيار الربّ لصورة العرس يشعرنا بمدى أهميّة الاستعداد للقائه وهو ما نهمله فعلياً حين نغرق في شجوننا وهمومنا الآنية التي تنسينا تجهيز ذواتنا لحضورنا الأبديّ في ملكوته، أي عرس السّماء!

فليتأمّل كلّ منّا اليوم في الوقت الّذي يستهلكه التجهيز لعرسٍ أرضيّ وليقارنه بالوقت المخصّص للاستعداد للقاء الدّائم مع الرب.

سيجد حتماً أنّ الفارق كبيرٌ وسيعلم بأن دفّة الميزان تميل لصالح “الآنية” على حساب “الأبديّة”!

يدعونا مثل العذارى إلى تجهيز ذواتنا ليوم لقائنا مع الله والاستفادة من كلّ لحظةٍ تمرّ لتتميم جهوزيّتنا للعبور من دنيا المادّة إلى دنيا الرّوح.

تترافق هذه الجهوزيّة مع الفرح الّذي هو ميزةٌ مسيحيةٌ أساسيّة وفق ما أكّد مار بولس: “إفرحوا في الربّ كلّ حينٍ وأقول أيضاً: إفرحوا”! (فيليبي 4: 4).

لذا، على الفرح والاستعداد أن يترافقا سويّةً في مسيرة الإنسان نحو الملكوت فيشعّ فرحاً مع من يلتقي بهم فيساهم في استعدادهم هم أيضاً للقاء الربّ في كلّ إنسان وفي كلّ الظروف!

اترك تعليقاً