– بقلم الخوري نسيم قسطون –
في مطلع إنجيل اليوم (لوقا 10: 21-24)، يحمد الربّ يسوع الآب السماوي لأَنَّه أَخْفَى هـذِهِ الأُمُورَ عَنِ الـحُكَمَاءِ وَالفُهَمَاء وَأَظْهَرْها لِلأَطْفَال.
من هم الأطفال؟
يرد ذكر الأطفال في عدّة آيات من الكتاب المقدّس. مَن يتمعّن فيها يفهم أنّ المقصود ليس صغار السنّ بل الأطفال روحيًّا الّذين قال فيهم يسوع المسيح:
- وقال: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِن لم تَرجِعوا فتَصيروا مِثلَ الأَطفال، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّمَوات” (متّى 18: 3)
- “فمَن وضَعَ نفسَه وصارَ مِثلَ هذا الطِّفل، فذاك هو الأَكبرُ في مَلَكوتِ السَّموات” (متّى 18: 4)
- فقالَ يسوع: “دَعوا الأَطفال، لا تَمنَعوهم أَن يَأتوا إِليَّ، فإِنَّ لأَمثالِ هؤُلاءِ مَلكوتَ السَّمَوات” (متّى 19: 14)
- الحَقَّ أَقولُ لَكم: “مَن لم يَقبَلْ مَلكوتَ اللهِ مِثْلَ الطِّفل، لا يَدخُلْه” (مرقس 10: 15)
وإختصر يسوع مفهوم الطفولة الرّوحيّة أثناء لقائه مع نيقوديموس حين أكّد له: “أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنْ عَلُ … الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ، لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ الـمَاءِ والرُّوح”. (يوحنّا 3: 3-5).
الأطفال روحيًّا هم الّذين يقبلون طوعيًّا بالإنتماء إلى مدرسة يسوع المسيح فيقبلون بأنوار الرّوح القدس تنير قلوبهم وتفقّه أذهانهم ليكونوا من أبناء الآب السماوي “من الماء والرّوح”:
- الطفل روحيًّا هو من يقبل بأن يولد من جديد في كلّ آن بالتوبة وبتجذير إنتمائه إلى جسد المسيح السرّي، الكنيسة، وبالمحبّة الأخوية.
- الطفل روحيًّا هو من يضع نفسه بين يديّ الله بثقة الطفل الواثق من يد أبيه الّتي تمسكه أو تنشله من سقطاته وهو قيد تلقّن تقنيات السّير!
- الطفل روحيًّا هو من يضع مشاكله وهمومه بين يديّ أبيه واثقًا من حلّها والتغلّب عليها.
- الطفل روحيًّا هو من يعيش كلّ لحظةٍ بفرح الولد أثناء اللعب فيشعر بملء الوقت لا بثقله أو بطغيانه.
- الطفل روحيًّا هو من يأكل ليعيش ويفرح بأبسط الأمور وينسى الحزن والشّقاء بسرعة ليتابع حياته من دون توقّف على الصغائر!
- الطّفل روحيًّا هو من يستخدم المال دونما تأليه له ويحبّ الطبيعة غير عابئ بإتّساخ ملابسه لأنّ داخله طاهر فما همّه اللباس الخارجيّ!
- الطفل روحيًّا هو من يفهم الكلمات بمعانيها الحقيقيّة ولا يمضي الوقت في تأويلها وفي تفسيرها وفق قاموس سوء النيّة!
- الطفل روحيًّا هو من يؤمن بما يقوله والداه ولو لم يبصره في نفس الآن أمامه بل يتشوّق إليه وينتظره بلهفة!
الحلّ لتمتين علاقتنا بالله هو أن تعود إلينا دهشة الأطفال أمام ما يعتبرونه عظيماً وأن نرتاح على مثالهم من هوسنا بالزمن والوقت…
فنحن غالباً ما نهتمّ بالأوقات وبالمواعيد وننسى أن نعيش وأن تتمتّع باللحظة الحاضرة وهي فعليّاً الرّصيد الوحيد الواقعيّ لدينا…
إنجيل اليوم يدعونا كي نعود أطفالًا روحيًّا كي نكتسب كلّ يومٍ أكثر فأكثر نِعَمَ بنوّتنا لإلهٍ محبٍّ وغفور، يعطي حتّى أقصى درجات العطاء، لمن يسأله بثقة الطفل وإيمانه.
هبنا يا ربّ أن نعود كالأطفال فنستحقّ أن نرث ملكوت السماوات، آمين.
Share via:
Pingback: الاحد الرابع من العنصرة – ١٨ حزيران ٢٠٢٣ – الخوري نسيم قسطون