نوجه التحية ورسالة المحبة والوفاء والتقدير لكل الاحرار في عالمنا في مشارق الأرض ومغاربها والذين خاضوا يوم امس اضرابا عن الطعام في اكثر من مئة مدينة عالمية حيث كانت صرخة في وجه الظالمين والمجرمين القتلة الذين لا يتورعون عن ارتكاب جرائمهم المروعة بحق الإنسانية دون أي وازع أخلاقي او انساني .
الفلسطينيون أوفياء لكل من يقول كلمة حق في هذا الزمن الرديء الذي فيه كثرت المؤامرات ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية والمتآمرون ويا للأسف الشديد هم من القريبين منا والذين كان من المفترض ان يدافعوا عن هذا الشعب المظلوم باعتبار ان من يتآمر عليه يتآمر على الامة كلها .
ان حالة التخاذل والوهن العربي التي نعيشها هي غير مسبوقة ويبدو ان هذا الحال العربي هو الذي شجع إسرائيل لكي تستمر في عدوانها ووحشيتها وهمجيتها لعامين.
نحن نراهن على الاحرار من أبناء امتنا العربية وكافة شعوب العالم وهم من كل الأعراق والأديان والخلفيات الثقافية ولا نراهن على حكومات تقول في العلن شيء وتفعل في الخفاء شيئا اخر .
ان ما يحدث حاليا في غزة لا يمكن وصفه بالكلمات فنحن امام نكبة جديدة وغزة كلها تحترق وتدمر ويستهدف فيها الجميع وخاصة الأطفال في مشاهد مؤلمة ومحزنة ومروعة تدل على الوحشية والهمجية التي وصلنا اليها .
لم نكن في يوم من الأيام مؤيدين للحروب وللعنف وللقتل ونحن كنا وما زلنا رافضين لما حدث يوم ال7 من أكتوبر لأننا نرفض استهداف المدنيين كل المدنيين ولكننا نرفض أيضا ازدواجية المعايير لدى بعض الحكام في هذا العالم والذين يغضون الطرف عما ارتكب بعد ال8 من أكتوبر بحق شعبنا في غزة حيث تم تدمير كل شيء واستهداف المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل بما حدث يوم ال7 من أكتوبر .
كنا نتمنى الا يحدث ما حدث يوم ال7 من أكتوبر وقد اتخذ هذا ذريعة من قبل الاحتلال (وان كان ليس بحاجة الى الذرائع) بهدف الامعان في قمع وظلم شعبنا واستهداف منطقة الشرق الأوسط كلها.
الاحتلال ليس بحاجة الى مبررات ولكن ما حدث يوم ال7 من أكتوبر كان مبررا استغلته سلطات الاحتلال من اجل الامعان في قمع وظلم شعبنا وتدمير غزة وهذا التدمير الممنهج يبدو انه كان مرسوما منذ زمن ولكن 7 أكتوبر كانت الذريعة من اجل القيام بهذه المهام القذرة .
ويبدو ان منطقة الشرق الأوسط كلها سوف تشهد تغييرات لكي يكون هنالك شرق أوسط جديد تحت غطاء اتفاقيات ابراهيمية ومعاهدات سلام استسلامية لا تخدم العرب واوطانهم كما انها تندرج في اطار التآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة .
لقد نادينا دوما بالسلام ولكن مفهوم السلام عندنا يعني هو تحقيق العدالة وصون حرية وكرامة الانسان الفلسطيني فالسلام لا يبنى على انقاض غزة ولا يبنى من خلال البوابات والحواجز العسكرية في الضفة بل يبنى من خلال انهاء الاحتلال وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا الفلسطيني، وهذا ليس في وارد الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تتغنى باستيلائها على الأراضي في الضفة وتتغنى وتشعر بنشوة الانتصار وهي تدمر وتخرب في غزة .
نؤمن بأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه ونؤمن بأن الخير ينتصر دوما على الشر ولا يمكن لاي شر في هذا العالم ان يبقى وان يستديم .
أعان الله شعبنا على هذه الشرور وعلى هذه المحن والمآسي مع التمنيات بأن تتوقف الحرب قريبا وتفشل كافة المؤامرات التي يتعرض لها الفلسطينيون.
لا نقلل من أهمية الاعترافات الأممية بالدولة الفلسطينية ولكن أيضا لا يجوز ان نكون مفرطين بالتفاؤل فما فائدة الاعتراف بدولة هي بالواقع ليست موجودة على الأرض .
أقول للدول التي اعترفت وسوف تعترف بفلسطين بأننا نشكركم على هذا وهو قرار في الاتجاه الصحيح ونتمنى منكم ان تواصلوا جهدكم وسعيكم من اجل ان ينعم الفلسطينيون بدولة حقيقية على الأرض وليس فقط على الورق وفي أروقة الأمم المتحدة.
نعم الفلسطينيون الذين قدموا هذا الكم الهائل من التضحيات يستحقون ان تكون عندهم دولة نموذجية بمدنيتها وديمقراطيتها واحترام كل انسان فيها بغض النظر عن معتقده او دينه .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 17/9/2025