عيد تجلّي الربّ

الخوري نسيم قسطون:

في عيد تجلّي الربّ، نحن مدعوّون للتأمل في كيفية تجلّي الله لنا في حياتنا اليومية، وكيفية فهم العلاقة بين الآلام والفرح، وكيفية نيل الحرية الروحية من خلال العلاقة مع الله. النصوص التالية تقدم لنا رؤية عميقة حول هذه الموضوعات، مع دعوة للإصغاء إلى كلمة الله والعمل بها.

صرخة مار بطرس “رَابِّي، حَسَنٌ لَنَا أَنْ نَكُونَ هُنَا!” تعكس رغبة الإنسان في البقاء في لحظات الفرح والمجد. ولكن، كما يعلمنا الإنجيل، يجب أن نعود إلى واقع الحياة، حيث الألم والصعوبات جزءٌ لا يتجزّأ منها. علينا أن نتجاوز لحظات المجد العابرة لنرى القيامة من خلال المعاناة، كما رأى بطرس ويعقوب ويوحنا مجد يسوع عبر تجلّيه: “هذَا هُوَ ٱبْنِي الحَبِيب، فلَهُ ٱسْمَعُوا!”.

هذا النداء الإلهي هو تذكير بأهمية الإصغاء إلى يسوع وكلمته. في طفولتنا، كانت أوامر الوالدين بالاستماع إلى من يبقى في المنزل تعلّمنا أهمية الطاعة. كذلك، يطلب الله منا الإصغاء إلى يسوع الذي هو الكلمة المتجسدة. ولكن في حياتنا المليئة بالانشغالات، نادراً ما نقرأ الكتاب المقدس، وغالباً ما نتجاهل تعاليم الكنيسة.

هذا النص يدعونا لإعادة الاهتمام بكلمة الله والعمل بها لتحقيق الحياة والسلام.

بالمقابل، قد نقف مدهوشين أمام الكلمات التالية: “إِنَّ بَعْضًا مِنَ القَائِمِينَ هُنا لَنْ يَذُوقُوا المَوْت، حَتَّى يَرَوا مَلَكُوتَ اللهِ وقَدْ أَتَى بِقُوَّة”!

هذه الكلمات قد تبدو غامضة، ولكنها تفتح أعيننا لرؤية الملكوت في حياتنا اليومية. يمكننا رؤية ملكوت الله في القربان المقدس، وفي الأعمال الخيرية، وفي كل فعل محبة يقدم للآخرين. في كل مرة نساعد شخصاً محتاجاً، نخفف من خوف، أو ندعم الإيمان، نكون شهوداً لحضور الله في العالم.

عيد التجلّي يمهّد السبيل للرسل ليستعدوا للأحداث القادمة، بما في ذلك الآلام والموت. بطرس، يعقوب، ويوحنا، بعد رؤيتهم لمجد الربّ، عادوا إلى الخوف والشك عند مواجهة الصعوبات. نحن مثلهم ننسى عظمة الله عند أول اختبار أو ألم. يدعونا عيد التجلّي لتجاوز الصعوبات والتركيز على نور الله الذي يزيل كل ظلمة من حياتنا.

نرى في هذا العيد أيضًا علاقة بين موسى وإيليا مع يسوع، مما يوضح استمرارية الرسالة الإلهية عبر الزمن. على المستوى العملي، نتعلم من موقف بطرس أنه يجب أن نعود إلى واقع الحياة بعد لحظات المجد، ونستمع إلى صوت الله في الكتاب المقدس وفي القربان المقدس.

عيد التجلّي هو دعوة للتأمل في محبة الله لنا، والاستعداد لمواجهة الصعوبات بروح الرجاء. من خلال الإصغاء إلى كلمة الله ورؤية الملكوت في حياتنا اليومية، نستطيع أن نتجاوز التحديات ونعيش بسلام وفرح. لنجعل هذا العيد فرصة لتجديد إيماننا وتعمّق علاقتنا مع الله.

اترك تعليقاً