الأب ثاوذورس داود-
أيها الظاهر في الجسد، إغفر لنا وسامحنا فنحن لم نتغير.
إنها المرّة السابعة عشر بعد الألفين ونحن لم نتغير، والسبب – وبصراحة- أننا لا نريد أن نتغير فنحن لا نريد إلهاً نعبده، لا نريد سيداً آخر على حياتنا لأننا جعلنا من أنفسنا آلهة على أنفسنا وعلى الآخرين وعلى الخليقة.
في طريقك إلى المغارة إمسح دموع مريم وخفّف عن خطيبها الشيخ المرافق حزنه في شيخوخته. نحن نعلم أنها تبكي لأنها في قرارة نفسها مصلوبة أيضاً على صليب الألم بين سر محبتك الكبيرة لنا و الآمك من أجلنا وبين نكراننا للجميل وعدم استحقاقنا لكل ما فعلتَ .
في طريقك إلى المغارة لا تنظر حواليك، يكفيك جراحٌ، فكل هذه الزينة هي لنا وليست لك. إنها من أجل رب آخر اسمه المال. إنها عبادة وثن.
أرجوك لا تنظر حواليك وأنت في طريقك لتولد في مذود البهائم لأنك سترى أتباعك في القصور وقد أغلقوا أبوابهم بوجه المساكين. لعازر لا يزال مرمياً على الأبواب ولا تزال الكلاب تلحس قروحه.
لا تنظر، ولا تحزن فالأزقّة مملوؤة فقراء ومشردين يأكلون من القمامة ويتامى ينتظرون خلف أبواب مياتمهم من يقرع عليها ليتبرع ببعض حبٍّ وبعض ثياب بالية وربما بعض هدايا مكسورة بعد أن رماها أبناء الأغنياء.
لا تنظر، لأنك ستحزن، فالأخ مخاصم لأخيه والأبناء لا يكرّمون الآباء والجار يلعن الجار ومعظم أولياء القوم والرعاة غافلون عن القطيع يبنون أهراءات أكبر. يقيمون ولائم للأغنياء وأهل الأرض باسمك، يدعون إليها الجميع إلا أنت وأصدقاءك الفقراء.
لا تنظر حواليك، ولا تحزن. لا نريدك أن ترى ذلك المهرّج باللون الأحمر يسرق منك وهج العيد بعد أن سرق من حبيبك نيقولاوس دوره وتعبه ليبقيك سيد العيد.
يا رب، أعبر سريعاً ولا تنظر إلى الكنائس، لا نريدك أن تحزن. أولادك مقسّمون متخاصمون، شتّامون بعضهم لبعض والكل يقول إنه خاصتك وإنك إله السلام والمحبة.
أسرع في عبورك يا رب فقلوب الفقراء والأيتام والبسطاء تنتظرك فهناك كنيستك.
أسرع يا رب، أسرع في العبور واجعلها آخر مرّة فلا أظن أن أحداً يستحق فرصاً أخرى، يكفيك ألماً، يكفيك هزءاً وبصقاً وصلباً. يؤلمنا أننا نؤلمك والقلوب تعبت والعالم يشمت والظلمة تنتشر وألأصنام تُمجَّد والخراف شردت والرعاة سكروا.
أسرع في طريقك إلى المغارة للمرة الأخيرة ، ولكن رجاءً أسرع في العودة في الفصح ديّاناً لأن العالم لا يستحق لا تواضعك ولا محبتك ولا فداءك.
نحن لا نستحقك يا رب … لا أحد يستحقك.
Share via:
0
Shares
