ليلة البارحة اتصلتُ بأمي — فقط لأسمع صوتها.
من دون سبب، ومن دون مناسبة خاصة؛ مجرد كلمة بسيطة: «مرحبًا يا أمي، كيف حالك؟»
بدت متفاجئة، ثم ضحكت بخفوت وقالت: «ظننتِ أنك لا تتصلين إلا حين تحتاجين شيئًا.»
جرحتني كلماتها، لأنها كانت على حق.
حين كنتُ طفلًا، كنت أخبرها بكل شيء: ما تعلمت في المدرسة، من هم أصدقاءي، حتى أحلامي الصغيرة والسخيفة. كانت هي عالمي. لكن في مكان ما بين رحلة النضوج، السعي وراء العمل، وتربية أطفالي، توقفتُ عن المشاركة. توقفتُ عن الاتصالات لمجرد الكلام.
اليوم، في الثامن والسبعين من عمرها، صار صوتها أهدأ. أرق. متعبًا بطرقٍ لا أريد دائمًا أن ألاحظها. لكن الليلة السابقة لاحظت.
سألتها عمّا تناولته على العشاء. قالت: أعددتُ حساءً، لكنه لم يكن لذيذًا بغياب الصحبة.
سألتها: ما الذي جعلكِ تبتسمين اليوم؟
قالت: كلب الجيران لوّح لي بذيله.
وسألتها: ما أكثر ما تفتقدينه؟
توقفت قليلًا، ثم همست: «أن يكون لديّ من أحدثه كل يوم.»
تلك الجملة كسرتني. بقيتُ على الخط. تحدّثنا لأكثر من ساعة — عن لا شيء، وعن كل شيء: عن حديقتها، عن الطقس، عن ذكرياتٍ قد نسيتها أنا لكنها ما زالت تحتفظ بها ككنوز.
وعندما أنهينا المكالمة قالت: «لقد كان هذا أفضل ما في يومي.»
هناك، أدركتُ شيئًا بسيطًا وواضحًا:
أجمل هدية يمكن أن نهديها لمن نحب ليست المال، ولا الأشياء الفاخرة، ولا حتى المناسبات الكبيرة.
هي وقتنا. صوتنا. وجودنا
النصيحة بتقول:
إذا كنت تقرأ هذه الكلمات الآن — اتصل. اتصل بأمك، أبيك، بجارك، بصديقٍ طال غيابها
لا تنتظر الأعياد أو «الوقت المناسب». لأن يومًا ما سيتوقف الهاتف عن الرنين، وستتمنى بكل قلبك لو كان هناك اتصالٌ عادي واحد فقط بعد رحيلهم.
