في بلدة القصيبة، لا يُعدّ مهرجان الدبس مجرّد تظاهرة اقتصادية أو سوقٍ موسميّ، بل هو فعل انتماء عميق إلى الأرض والذاكرة الشعبية. يجتمع أهل البلدة والقرى المجاورة حول قنطار العنب ورائحة النار الهادئة، في مشهدٍ يختلط فيه جهد المزارعين بندف البخار المتصاعد من القدور النحاسية. هناك، يتجسّد إرثٌ زراعيّ متوارث، تُترجم تفاصيله أيادي النساء والرجال الساهرة على صناعة دبسٍ لا يُشبه إلّا أصالة تربته. إنّه احتفال بالهوية وبالذوق الريفي الصادق، حيث يتحوّل الحضور الشعبي إلى شهادة حب للأرض، وإلى مساحة تتلاقى فيها الحكايات، وتُصان فيها الذاكرة الجماعية من الذوبان في صخب الزمن المعاصر.
