منذ اكتشاف نقش عقرون في في تل مكنة قرب الرملة جنوب فلسطين المحتلة عام 1996، سال حبر كثير لاثبات أن النقش يعود لشعب الفلسط وأن اسم الملك أكيش صاحب المعبد يثبت يونانية هذا الشعب وأن الالهة فتجاية هي آلهة هندو أوروبية، تثبت تعلق شعب الفلسط بأصوله الهندو أوربية، لن أدخل في هذا الجدل العقيم وأكتفي بنقل نص النقش الذي يبدو نصا كنعانياً لاجدال حوله، وجميع الاسماء الواردة كنعانية لها معان معروفة، والالهة فتجاية معروفة في ملاحم أوغاريت خلافا للغبار الكثير الذي أثير حول غموض اسمها واحتمال أن تكون هندو أوروبية.
اما موضع نسبته لشعب الفلسط على اعتبار عقرون إحدى مدن الفلسطينيين الخمسة اعتمادا على الكتاب المقدس عند اليهود فهو غير ثابت من مصدر آخر، وبالعودة الى النص فهو يؤكد على كنعانية وأصالة من كتبوه، وإن كانوا فعلا هم الفلسطيون فهم إذن كنعانيون من ابناء البلاد.
كما قلت لست معنيا بأي تفسيرات أو إحالات صهيونية وغير صهيونية وانا أتعامل مع هذا المقش بدون مرجعيات عقائدية، فعقرون وردت في حوليات سنحاريب باسم أم- كا- رو – نا، وكما سبق أن أشرت فإن محرري التوراى في القرن الميلادي الثاني استخدمو كتاب البابليات الذي يضم تاريخ ملوك آشور وبابل وفتوحاتهم بالاعناد على حولياتهم كتبه باليونانية المؤرخ البابلي برسوس، وكان متاحاً لمحرري التوراة ومنه نقلوا المعلومات التي تتقاطع مع الحوليات الاشورية والبابلية المكتشفة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
نص النقش:
1- بت بن أكيش بن فدي بن
2- يسد بن أدا بن يعر شر عق-
3- رن لفتجية ادته تبركه وت-
4- شمعه ـ وتبرك يمه وتبرك
5- أرصه
القراءة
المعبد بناه أكيش بن فادي بن يسد بن أدا بن يعر ملك عقرون لفتجاية سيدته تباركه وتسمعه وتبارك يومه وتبارك أرضه
ملاحظات:
جميع الاسماء الواردة اسماء سامية غربية مبنية وفق قالب الفعل:
أكيش/ يكيش: يهدأ يستقر هادئ مستقر، فادي: من الفداء، يسد/ يسود: المتكلم الذكي، أدا/ أدي: القائد، يعر/ يعير: المنتبه المتيقظ.
سر عقرن: ملك عقرون أو عقران وسر هي سار أي ملك بالآكادية والآشورية، وبالارامي تعني سيد القوم الملك. أما عقرن فهي على الأرجح أم- كا- رو- نا الواردة في مسلة الملك الآشوري سنحريب.
أدته: أصلها أدونته، أي سيدته، ولكن حذفت النون جريا على قاعدة حذ النون إذا التقت بتاء، مثل بنت، بت، أنت، أت وهي قاعدة موجودة في الفينيقية الكنعانية والارامية بكل تفرعاتها.
فتجاية: إلهة كنعانية معروفة ذكرت في ملاحم أوغاريت بوصفها الربة التي أعادت الحياة لبعل بعد مقتله.
تشمعه: تسمعه وتستجيب له، والملاحظ أن الذين قرأوا النص قدروا الحرف الممحو من النص راء، ولذلك قرأؤوه تشمره وهذا غير ممكن لأن تشمره تعني تنبذه، ولذلك قدرناه ع أي تشمعه، ويبدو أنه كذلك فعلا إذا دققنا بالحرف جيدا.
تبرك يومه: تبارك يومه، ومن قرؤا النقش قدروا الحرف الناقص ألف فكتبوها تارك يومه وترجموها تطيل عمره وهذا خطأ، لأن الحرف المطموس لابد أن يكون باء مثل الكلمة التي تليه، ومصطلح تبارك يومه موجود في نقوش آرامية عديدة.
أرصه/ أرضه. أي بلاده.