يوجد نوع نادر من البشر، لا يحبّون الخروج كثيرًا من منازلهم،
يفضّلون البقاء في غرفهم، حيث السكون رفيق، والهدوء وطن.
وحين يُجبرون على مغادرة هذه العزلة الطيّبة،
يشتاقون إليها سريعًا، كأنها حضن دافئ لا يملّونه.
هُم أولئك الذين لا يملكون سوى صديق أو اثنين،
قلوبهم ضيّقة الباب، لا تستقبل الضجيج، ولا تطلب السؤال.
هواتفهم صامتة أغلب الوقت، لا ينتظرون اتصالًا،
بل تُثقلهم المحادثات الطويلة، وتُرهقهم المجاملات.
يفتحون “فيسبوك” كلّ يوم، لا ليراسلوا أحدًا،
بل ليشاهدوا العالم عن بُعد… بهدوء وفضول صامت.
هم انتقائيون في مشاعرهم،
يعشقون الكتب، والبحر، والصحراء، والشتاء،
يأنسون بالهدوء، ويجدون في الظلام ملاذًا،
وفي الموسيقى والأفلام صدىً لما يشعرون.
العزلة بالنسبة إليهم ليست وحدة، بل أسلوب حياة… وإدمان جميل.
يبتسمون بخجل، يسرحون في عوالم خياليّة،
لا يؤذون أحدًا…
بل يعيشون في زوايا الحياة بلطف لا يُرى.
نحن قلّة
ولا يفهمنا إلا من كان يومًا منّا.
