يُعد المهندس إبراهيم عبد العال واحدًا من أبرز الأسماء في تاريخ الهندسة والري والمياه في لبنان، ومن أوائل المفكرين الذين ربطوا بين الموارد الطبيعية والطاقة والاستدامة، قبل عقود من بروز مفهوم “الاقتصاد الأخضر” عالميًا.
ولد في بيروت عام 1908 لأبٍ لبناني وأمٍ تركية، وتلقى علومه الأولى في مدارس العاصمة، قبل أن يتخرّج في الهندسة من جامعة القديس يوسف عام 1928، ويتابع تخصصه في الكهرباء والمجاري المائية في باريس وغرينوبل. التحق مبكرًا بإدارة المياه والكهرباء تحت الانتداب الفرنسي، وسرعان ما برز بدراساته الدقيقة ورؤيته العلمية، فترقّى ليصبح رئيسًا لقسم الأبحاث المائية عام 1936، ثم مديرًا عامًا لوزارة الأشغال العامة ابتداءً من عام 1944.
من أبرز إنجازاته الرائدة، وضع دراسات منذ عام 1943 لاستثمار نهر الليطاني في إنتاج الطاقة الكهربائية، ضمن مشروع طموح قادر على تغطية ثلث حاجة لبنان من الكهرباء. كما ساهم في تعديل القانون الإنشائي لمصلحة الليطاني عام 1955، وأسس شبكة لرصد الثروة المائية في البلاد، وقاد مسحًا جيولوجيًا شاملاً لا يزال يُعتمد عليه حتى اليوم.
بموازاة عمله الرسمي، شارك عبد العال بفعالية في الشأن الفكري والتنموي، فكان أحد المحاضرين الدائمين في الندوة اللبنانية بين عامي 1948 و1957، حيث دعا إلى بناء دولة حديثة تقوم على التنمية المستدامة، الأخلاق المدنية، والتوازن المالي.
عُرف بثقافته الواسعة وإتقانه لعدة لغات، واهتمامه بالفنون والتوثيق، فحوّل منزله إلى متحف حضاري مصغّر يعكس جماليات الفن الإسلامي والفارسي والأندلسي.
توفي عام 1959 في بيروت في ظروف غامضة، بينما كان مشروعه الكبير لنهر الليطاني قيد التنفيذ، ولم يتجاوز عمره 51 عامًا.
وفي عام 1992، بادرت عائلته وعدد من تلامذته ومؤيديه إلى تأسيس جائزة وجمعية تحمل اسمه، بهدف نشر أفكاره ومتابعة مسيرته في دعم التنمية الوطنية.