الأحد الخامس للفصح

الخوري نسيم قسطون:

في رتبة السيامة الكهنوتيّة في الطقس المارونيّ، يقرأ الأسقف على مسامع الكاهن الجديد وعلى مسامع النّاس قراءة من إنجيل يوحنا (21: 15-19)، نتأمّل بها اليوم في الأحد الخامس من زمن القيامة، وعنوانها الأساسي سؤال يتوجّه به الربّ يسوع إلى كلّ واحد منّا من خلال مار بطرس: “أتحبّني؟”!

إن تأمّلنا مليًّا فيما قاله مار بطرس: “يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ”! سيخطر لنا طبعًا أن الربّ يعلم كلّ شيء وهو العليم بكلّ إنسان وبكلّ ما في الإنسان… فلماذا يا ترى توجّه بهذا السؤال لمار بطرس؟! ولماذا أصرّ الربّ على السؤال المكرّر ثلاثاً؟!

في الواقع، ليس الربّ بحاجة إلى الإجابة بقدر حاجة بطرس وكلّ إنسان إلى سؤال ذاته عن محبّته للربّ وكيفيّة ترجمة هذه المحبّة!

إنّ الربّ لا يطرح السؤال لينال الإجابة بل ليدخل بطرس في سرّ التأمّل الدّائم بمحبة الله له وفي كيفيّة مبادلة الربّ هذه المحبّة، لا قولاً فقط بل أيضاً بالأعمال التي تترجم هذه المحبّة وخاصّةً رعاية كلّ من إئتمنه عليهم… فإجابات بطرس الثلاث مهّدت لتكليفه بكبار الكنيسة (الخراف) ونسائها (النّعاج) وصغارها (الحملان) أي كلّ عائلة الربّ في جسده السريّ… وهي الّتي أنارت الدّرب، درب الرّسالة القادمة الّتي اختصرها الربّ بكلمة واحدة: “إتبعني”!

أتى سؤال يسوع لتثبيت مار بطرس في دعوته كصياد للناس وكرئيس لجماعة الرّسل، بعد أن أنكر الربّ ثلاث مرّات في الليلة التي قبض فيها عليه.

يمحو الربّ بسؤاله ندم بطرس وشكّه وخوفه وإحساسه بعدم الإستحقاق ليضعه من جديد في واجهة الحدث كمسؤول عن نشر فكر المحبّة وثقافتها بعد الربّ يسوع المزمع أن يمضي إلى بيت الآب!

سيبرهن بطرس عن محبّته للربّ بالشهادة والإستشهاد تاركًا لكلّ واحدٍ منّا أمثولةً كبيرة في التوبة!

لذا، يتوّجه إنجيل اليوم إليك، يا من يغرقك الحزن من ماضيك، كي تنطلق في حاضرك نحو غدٍ مشرقٍ مع الله مستندًا إلى شرطٍ واحدٍ لا غير: محبّتك لله!

اترك تعليقاً