زينون الرواقي

فيلسوف فينيقي, ولد في مدينة (سيتيوم) في جزيرة (قبرص) عمل بالتجارة كأبيه, إلا أنه فقد ثروته غرقاً في البحر ونجا من الغرق واستطاع الوصول إلى أثينا وكان في الثلاثين من عمره. تنقل بين المدارس الفلسفية ودرس التاريخ وحكمة البابليين ودياناتهم وأساطيرهم.
أسس مدرسته الخاصة عام (300) ق.م. وبدأ يعلم فلسفته في منتدى للأدباء والفنانين يسمى (الرواق المدهون). ودعي تلاميذه (بالرواقيين) نسبة الى الرواق الذي كان مزين برسوم ونقوش من أعمال الفنان السوري (بوليقنوط). وكان زينون يعلم تلاميذه فيه مجانا.
وتميز زينون بالطول والنحالة وبشرته الشديدة السمار وكان يمشي ورأسه مائل لكتفه, يرتدي الأقمشة البسيطة ويأكل القليل من الخبز والتين والعسل مع القليل من النبيذ. وكان شديد التأثيرعلى مستمعيه رغم عدم إكتراثه بالفصاحة. وكان صبورا على المكاره, يتحمل التعب والحر والبرد والشدائد فشكل بذلك قدوة لتلاميذه الذين أحبوه.
تعتبر فلسفة زينون من أعظم وأنبل ماأبدعه العقل في ذلك الزمان. وكان زينون يقسم الفلسفة إلى ثلاث أجزاء رئيسية هي: المنطق والطبيعيات والأخلاق, وادخل في الطبيعيات ماسماه مباحث الوجود, وبلغت عنايته بها وبالاخلاق حدا كبيرا, إذ كان يقول عن الطبيعة “إنها العقل” وكان الخالق في نظره “نظاما شاملا يقوم على المعرفة”. أما نظرته إلى الأخلاق فيعتبر “أن الفضيلة هي الخير الأوحد وإن الشر ضعفا وفسادا في الأخلاق” كما يرى “أن الإنسان الحكيم هو الإنسان الوحيد الذي يحوز الخير الحقيقي, وبما أنه ليس بإستطاعة إنسان آخر أن يجرد الحكيم من تفاؤله, فإن الإنسان الحكيم هو الإنسان السعيد دوما”. ومن مواقفه وتعاليمه: “عش بوفاق مع نفسك ومع الطبيعة من حولك” و “إن الحكمة والسعادة تحصلان من الإنسياب في تيار الحياة الكونية, فإذا اتبع الإنسان الفضيلة توصل إلى السعادة, والرذيلة تجر إلى الشقاء. وإن في الطبيعة البشرية جزءاً إلهياً تصدر عنه الحكمة العملية, وهذه الحكمة أساس العفة والشجاعة والعدل, ولذا فإن الفضائل تتحد في فضيلة واحدة ترتكز إلى العقل أي الجزء االإلهي من الإنسان”.
من المؤلفات التي ذكرت لزينون: (رسالة للحياة وفقاً للطبيعة), (مسائل فيثاغورثية), (الكليات), (الأخلاق), (بحث في العقل)…
ومن شهادة أرسطوبزينون: “ألم يكن طاليس أبو الفلسفة فينيقياً مثله, وكم هي أقدم من أفلاطون وأرسطو, الحضارة الفينيقية-الكنعانية..) وفي العصر الحديث كتب الفيلسوف براترند رسل: “إن الرواقية أقل الفلسفات يونانية, الرواقيون الأوائل كانوا بغالبيتهم سوريين).
رفض زينون الجنسية في أثينة وفاء لبلاده ولفينيقيته ولكنه منح قبل زفاته تاجاً ذهبياً, وقدموا له مفتاح مدينتهم. وبعد وفاته نصبوا له تمثالاً من البرونز وكتب تلميذه زينودوت قصيدة في رثاءه نقشت على قبره جاء فيها: “هل يضيرك أن تكون فينيقياً موطنك؟ ألم يكن (قدموس) نفسه فينيقياً؟ وهو الذي أعطى لليونان فن الكتابة”.
من صفحة الدكتور جوزف زيتون

اترك تعليقاً